الكلام على فتنة اعتداء العراق على الكويت حفظ
الشيخ : ولا بأس من أن نذكركم بحديث وحكم شرعي، أما الحديث فهو قوله عليه الصلاة والسلام: ( انصر أخاك ظالما أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: أن تمنعه عن الظلم، فذاك نصرك إياه ) فمناصرة المسلمين بعضهم لبعض على هذا التفصيل المذكور في هذا الحديث الصحيح هو مع الأسف من الأمور التي أصبحت في العالم الإسلامي نسيا منسيا، وغلبت عليهم في كثير من الأحيان العصبية القبلية أو البلدية، وهذا ما أصاب كثيرا من المسلمين حينما وقعت الفتنة الأولى، وهي اعتداء العراق على الكويت، فقد انقسم المسلمون على أنفسهم إلى فريقين: فريق يحسن هذا الاعتداء، وهو اعتداء ظاهر، وفريق يستنكره، وقد كنا ولا نزال مع هذا الفريق المستنكر، لأنه يخالف نصوصاً من الشرع واضحة بينة، ومنها الآية الكريمة التي لا تخفى على أحد، ألا وهي قوله تبارك وتعالى: (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ))، كان الواجب على الدول الإسلامية، وكان ينبغي أن نقول: كان الواجب على الدولة المسلمة، لكن مع الأسف لم يكن، وعسى أن يكون قريبا الدولة المسلمة، وإنما هناك دول إسلامية، شعوبها مسلمة، أما حكوماتها فقد تكون في واد والشعوب في واد آخر، ولكن ذلك لا يخرج هذه الشعوب المسلمة من دائرة الإسلام، فهي شعوب إسلامية.
أقول: كان الواجب على الدولة المسلمة أن تطبق نص هذه الآية الكريمة: (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ... )) إلى آخره، لكن لم يكن هناك إلا دول، ودول مسلمة أكثر أحكامها أو على الأقل كثير من أحكامها مخالفة للإسلام، فكان أمرا طبيعيا جدا أن لا يتمكن أو أن لا يقوم دولة من هذه الدول لتطبيق الآية السابقة، (( فأصلحوا بينهما )) فإن لم يتحقق الصلح (( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ))، لم يقم ولا دولة مسلمة بتطبيق هذه الآية الكريمة، ذلك لأنه لم يكن هناك دولة قد قامت بأحكام الإسلام كلياً، ومنها قوله تعالى: (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )) ..
وقعت الفتنة الثانية، ألا وهي إحلال أكبر دولة كافرة وطاغية إحلالها في الديار الإٍسلامية العربية التي لم يسبق في التاريخ الإٍسلامي أن وطأتها مثل هذه الأقدام، فاستعانت الدولة السعودية بالدولة الأمريكية، وأحلوهم باختيارهم كما يزعمون، وليس لنا إلا أن نتمسك بما ينطقون، أحلوهم ديارهم برضاهم، بل وبطلب منهم. كانت هذه هي الفتنة الثانية. وادعوا بأن هذه الاستعانة كانت للضرورة لدفع ما قد يقع من اعتداء ثان من المعتدي الأول على الدولة الكويتية، فتحفظا لمنع مثل هذا الاعتداء الثاني وقعت الدولة السعودية فيما هو أخطر مما كانوا يتوهمون أنه سيقع، وهو إدخالهم للأمريكان والبريطان في بلاد الإٍسلام دون أن تراق من هؤلاء الكفار قطرة دم، ودون أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون كما هو المفروض بالنسبة للدولة المسلمة التي تحكم بما أنزل الله أن تفرض الجزية على الكفار أعداء الإٍسلام والمسلمين، لكن مع الأسف الشديد كان الأمر على العكس من ذلك، فقد دفع السعوديون بدل أن يأخذوا، دفعوا الملايين والملايين كما تسمعون وتعلمون لإمداد هؤلاء الكفار في سبيل ماذا؟ في سبيل مقاتلة المسلمين في بلاد العراق، وكانت قديما كما تعلمون دار الخلافة العباسية، واستمر الإسلام هناك يعمل عمله قرونا طويلة.