مقدمة من أحد الطلاب فيها ثناء على الشيخ , والشيخ بتواضعه ينكر ذلك . حفظ
الشيخ : لقوله عليه السلام: ( ما لي أراكم عزين )، ولحديث آخر وأحاديث أخرى لعله إذا اكتمل الجمع يحسن أن نلقيها على المسامع إن شاء الله.
تفضل يا أبو عبد الله.
الطالب : نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))، (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به الأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ))، (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيماً ))، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إخواني إنها لفرصٌ نادرة تسنح لنا أن نلتقي مثل هذا اللقاء ونحن على منهج في الحق سواء إن شاء الله، لا نريد ما يريد الناس بعلمهم، وإنما نريد خيري الدنيا والآخرة، يقربنا إلى الله تبارك وتعالى، ويزلفنا من جنته، وينيلنا ثوابه إن شاء الله في الآخرة وهي الحيوان كما قال الله تبارك وتعالى، لو كانوا يعقلون.
ومن هنا أقول: بأن وجود شيخنا في بلد لا أقول ونحن قريبون منه لكن لو كان في قارة شاسعة الأطراف وكان عند غير الناس من أهل بلادنا أو من غير أهل بلادنا لكان حرياً لهم أن يسعوا إليه وأن يغرفوا من علمه وأن ينالوا مما أفاء الله عليه من بركة السنة المطهرة التي لا نعلم في زماننا هذا مَن حذقها وأحاط علما بأسانيد الرجال وقدرة على تمييز الضعيف من الحسن والصحيح، ومعرفة مراتب الحديث علوا ونزولا، إلى غير ذلك من علوم السنة المطهرة ما نعلم من شيخنا والحمد لله.
فإذا كان الناس من بعيد يزهدون في علم الشيخ لا لأنه علم فحسب، ولكن لأنهم أعجز من أن يحملوا هذا العلم في عقولهم فيقعوا فريسة له في الحق، فنحن والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات لا نعلم من أنفسنا إلا أننا نحب الحق ونسعى إليه ونجهد أنفسنا مهما استطعنا في سبيل الوصول إليه والعمل به والتحقق منه.
وإذا كان شيخنا جزاه الله خيرا وأطال في عمره وبارك في سعيه ونفعنا بعلمه والمسلمين عامة، وهو موجود بين أظهرنا في بلدنا هذا الطيب إن شاء الله، إذا كان الأمر كذلك فنحن ينبغي أن نكون أحرص ما نكون على تحصيل ما نقدر عليه وتطيقه عقولُنا وقلوبنا معا.
وقد قلتُ مرارا وتكرارا بأن وجود الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في الأردن هو نعمة أفاء الله بها على الأردن وأهله، فهنيئاً لنا نحن أهل الأردن ما أفاء الله به علينا من وجود شيخنا وأستاذنا وحبيبنا ومقدَّمنا ومقدم أهل العلم في زماننا هذا، ولا نغلو في ذلك، ولا نتجاوز الحقيقة، بل نحن نقصر عنها ولا نقول أكثر بل نغمط الشيخ حقه إذا قلنا فيه أقل من ذلك، وهو حقيقٌ بأكثر وأكثر مما ذكرت، والناس يعرفون بآثارهم، وشيخنا حفظه الله وأطال في عمره وأمد في حياته وبارك في سعيه هو مَن هو فيما نعلم ويعلم الناس عنه، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يزيدنا تمسكا بالسنة وسعيا في العمل بها، وأن يجعل قلوبنا موصولة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسبابها، ومن أعظم أسبابها في زماننا شيخنا حفظه الله ورعاه.
وأود هنا أن أقول لإخواني بأن شيخنا في هذه الأيام وقبل هذه الأيام من مدة ليست بالقصيرة هو مشغول بما عنده من ثروات طائلة من العلم، يخرج كنوزها ويقدمها للمسلمين كافة في أرجاء الأرض، بل ولغير المسلمين كذلك، ذلكم أن هذا العلم في هذا الزمان المتفرد به قليلون، والساعون إليه قليلون، والمجدون السير إليه قليلون. فنسأل الله أن نكون من هؤلاء القليلين الذين يسعون لهؤلاء القليلين ويأخذون أنفسهم بجهاد هؤلاء القليلين إن شاء الله.
ومن هنا أقول: حرصنا على أن نأخذ ما نأخذ ليس إلا لشيء واحد فقط هو أننا نعلم بأن هذا العلم هو الذي يقوِّم العقول، وهو الذي يثبت القلوب، وهو الذي يربو به العلم في الصدور، وهو الذي يجعل الإنسان قادراً على تمييز الحق من الباطل، وتستبين له طرائق الرشد، ويعرف بها خطو النبي صلى الله عليه وسلم ليسلك سبيله من ورائه.
فلعل لنا في هذا الحديث إن أذن لنا شيخنا أن نورد حديثاً أمامه، وهو ( أن النبي عليه الصلاة السلام عندما سأل أصحابه: أي المؤمنين أعجب؟ فقالوا: الأنبياء، فقال: وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم. قالوا: نحن ).
أول قال: الملائكة، ( قالوا: الملائكة. قال: ما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم، ثم قالوا: الأنبياء. قال: ما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم. ثم قالوا: نحن يا رسول الله. قال: وما لكم لا تؤمنون وأنا بينكم أو فيكم. إنما أعجب الناس إيماناً قوم يأتون من بعدكم يؤمنون بما في هذه الصحف ). فنسأل الله أن نكون منهم، والآن أدع المقال أو المقام لشيخنا وأستاذنا لعله يفيء علينا مما أفاء الله عليه، ولنكن بحق وصدق إن شاء الله تلامذة خير وهدى وبرور، فجزاك الله عنا خيراً.
الشيخ : بارك الله فيكم جميعا. ليس لي ما أقوله بين يدي هذا الثناء الذي لا أستحقه، ونحن خلاف ما يقوله الأستاذ الفاضل أبو مالك دون ذلك بمراحل كثيرة، ولكن حسن ظنه بهذا العبد الفقير إلى رحمة ربه هو الذي يحفزه ويدفعه إلى مثل هذا الثناء العاطر الذي لا أستحقه. ولذلك فليس لي بهذه المناسبة إلا أن أقتدي بأكبر رجل من سلف الصالح بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألا وهو أبو بكر الصديق، حيث كان يقول وهو يسمع دون هذا الثناء العاطر من بعضهم عليه، يقول: ( اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيرا مما يظنون ). هذا الذي يسعني أن أقوله بهذه المناسبة.
الطالب : جزاك الله خيرا.
الشيخ : والأعمال بالنيات، ولا شك ولا ريب بأن نية أستاذنا الفاضل أبو مالك يعني لا يساء فيها الظن إطلاقا، وإن كنا نحن لا نرغب مثل هذا الثناء لما نعلم من أنه هو الذبح كما قال عليه السلام، فنحن نخشى على أنفسنا كما نخشى على غيرنا تماما، ولكن كما قلنا ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ).