أنكرت على رجل حليق تقدم ليصلي بنا، وتركت الصلاة خلفه وتحولت إلى مسجد آخر، فهل ما فعلته صحيح؟ حفظ
السائل : شيخنا وأنا في نجد حدثت حادثة أثناء رمضان، ذهبت للصلاة جماعة العصر فإذا بالرجل الذي تقدم حليق، قلت له: يا أخي أنت حليق كيف تؤمنا؟! ارجع، الناس ليش لماذا؟ قلت: لأنه حليق، كيف يؤمنا؟! قال: طيب قدم أنت، قام هو كبَّر تكبيرة الإحرام وصلى، أنا خرجت من المسجد وذهبت إلى مسجد آخر، تعرف هناك المساجد قريبة، فاتهموني الإخوة سامحهم الله بأني قمت بفتنة.
الشيخ : خارجي يعني.
السائل : فأتى الشيخ أبو مالك إلى الرياض ليتعالج فقلت له الأمر، فهو بيَّن الأمر أنه يعني أنا ما فعلت هو الصواب، أنا أحسنت صنعا أني ما تشجعت وأني ما روحت صلاة الجماعة، لحقتها في مسجد آخر، هو استشهد بحديث: ( أئمتكم شفعاؤكم ).
كانت قد حدثت معي حادثة قبل في عمان، تقدم رجل حليق ولابس بنطال ضيق جدا، رفضت أن أصلي خلفه، فأخونا أبو صهيب اتهمني بأنني سببت فتنة، فأنا خفت أن يكون هو محق، أيضا نفس الشيء سألت الشيخ، لكن أثاروا هذه القصة أمام الشيخ عدنان ونحن في الرياض، يبدو لي بإنه الشيخ عدنان لا يؤيد بأني رفضت الصلاة خلف هذا الحليق اللابس البنطال، فهل ممكن أن ترشدونا للصواب؟
الشيخ : إي نعم. أنا أرى أنه الذي سمعته من الأخ عدنان هو الصواب، ولكن حينما أنكرت على الرجل الحليق فهذا الإنكار هو في موضعه، لكن هنا أقول شيء: أنت يلاحظ عليك في عندك حماس وعندك حرارة زائدة، وكما نقول دائما وأبداً مذكرين إخواننا الدعاة إلى أنه دعوة الحق هي من حيث أنها حق هي ثقيلة، فلذلك قال تعالى: (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) فينبغي أن يقترن مع دعوة الحق الأسلوب الحق، الأسلوب الحق كقاعدة ينبغي أن يقترن مع اللين والعطف والرأفة والرحمة بصاحب المنكر، ولا سيما إذا كان منكراً فاشياً بحيث لم يعد جماهير الناس يعرفون أن هذا أمر منكر، فهنا تتطلب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة الترفق والتلطف بمثل هذا الإنسان، وقد يكون الأمر على العكس من هذا الوصف الذي ذكرته، يكون الأمر معروفاً حُرمته أو عدم شرعيته عند المسلمين، لكن قد يكون هذا الشخص أسلم حديثاً، وأنا أعني حديثاً يعني كأن يكون كان كافراً يهودياً أو نصرانياً أو غير ذلك من الملل الباطلة، فهداه الله إلى الإسلام، فهذا المهتدي لا أتصور أن يكون ألم بكثير من الأحكام الشرعية التي يعرفها المسلمون وراثة والمسلمون الذين يعيشون في مجتمع إسلامي، أو لا يكون أصله كافراً يكون أصله مسلم لكنه كما يقال في بعض الاصطلاحات العصرية: مسلم جغرافي، أو مسلم في النفوس تذكرة النفوس، هو لا يعرف من الإسلام شيئاً، فقد يصدر منه شيء مخالف للشرع يقيناً، لكن كونه حديث عهد بالإسلام فينبغي التلطف به.
الطالب : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فمن هنا جاءت بعض النصوص التي يجب اعتبارها منهجا لنا في استعمالنا للحكمة واللطف في الدعوة. من ذلك مثلاً قصة ذلك الأعرابي الذي دخل المسجد وهو أعرابي بدوي، وقديماً كانوا يكتفون بالقميص وليس هناك لباس، فما كان منه غير أن رفع القميص وراح يصب بوله في المسجد، فهمَّ به أصحابُه عليه السلام، قال لهم: ( لا تزرموه، دعوه ) اتركوه يفش خلقه يعني ببوله، فشوف الفرق بين الصحابي وبين نبي الصحابي، هموا بضربه، الرسول قال لهم اتركوه، ليه؟ لأنه راعى أنه هذا رجل بدوي لا يعرف الإسلام، ثم التفت عليه السلام إليه، وقال: ( إن المساجد لم تبن لشيءٍ من البول والغائط، وإنما بنيت للصلاة وتلاوة القرآن ) .. من كثر ما تضايق من أصحاب الرسول عليه السلام قال في دعائه: ( اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك معنا أحداً ) ضاق خلقه، فقال عليه السلام أيضاً بلطف: ( لقد حجرت واسعاً من رحمة الله ).
هذا حديث، وقصة معاوية بن الحكم السلمي الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه وهي قصة طويلة، والشاهد منها: ( أن رجلاً عطس بجانبه في الصلاة، فقال له: يرحمك الله، فنظروا إليه هكذا، وشعر بذلك، حتى ضاق ذرعا وقال بأعلى صوته: وا ثكل أمياه، ما لكم تنظرون إلي؟! ) مسكين مش عارف شو بدو يعمل، مش عارف أن الكلام يبطل الصلاة، فما كان من الصحابة إلا أخذوا يضربون على أفخاذهم تسكيتا له، في الأخير قال: ( فأقبل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التكبير والتحميد وذكر الله أو وتلاوة القرآن ) إلى آخر الحديث.
الآن أنت حينما أنكرت على هذا الحليق.
الطالب : الشاهد شيخنا ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : أقول دائما تذكرون الشاهد قول معاوية: ( والله ما كهرني ولا نهرني ).
الشيخ : إي والله، صحيح. بعد الصلاة لما سلم الرسول من الصلاة أقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( فوالله ما قهرني ولاكهرني ولا ضربني ولا شتمني، وإنما قال لي: إن هذه الصلاة ) إلى آخر الحديث.
فإنكارك على هذا المتقدم إلى الصلاة وهو حليق هو شرعي، لكن المسألة فيها دقة، الآن يُعرض على مسامعك ما يأتي، وهو: هذا الحليق قد يكون أقرأ القوم الحاضرين ... للقرآن، والرسول يقول: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء ).
الطالب : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام.
( فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأكبرهم سنا، فإن كانوا في السن سواء فأقدمهم هجرة ). ممكن يكون هذا الشخص عند أهل المسجد أقرأ الجماعة مع الأسف، لكن هو يكون أيش؟ فاسق، وهذا بقيد أن يعرف أن حلق اللحية حرام، فيكون فاسق من حيث أنه تلبس بعمل الفساق وهو حلق اللحية، فإذا كان إنكارك ينصب على حلقه اللحية فهو في محله، أما إذا كان ينصب على إمامته لأنه حليق لحية هو ليس في محله. وأظن أن هناك فرقا بين الأمرين، ولعله قد وضح لك أو لا؟
الطالب : لا شيخنا، لأنه قد فُهمت.
الشيخ : لا تحيد.
الطالب : لا لا.
الشيخ : لأنه الحيدة مذهبك مبين عليك.
الطالب : لا.
الشيخ : قل لي قل لي: فهمت علي؟
الطالب : لا شيخنا.
الشيخ : الله يهديك.
الطالب : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام.
كيف إذن بدك تتكلم؟ سامحك الله.
الطالب : آمين.