بيان الشيخ لوقوع المضاهات في الصور الفوتغرافية والفيديو , وأن نفيها ظاهرية جامدة . حفظ
الشيخ : إذن نفي المضاهاة هنا هذه يعني أقول: ظاهرية عصرية، وقد كنت ضربت لهذا مثلاً لبعض الشباب وأنا قادم من حلب إلى دمشق في سيارتي، عرض علي في سهرة كنت أُلقي فيها محاضرة بعد أن علم أنني على سفر غدا، قال: يمكن أن أصحبك؟ قلت له: ما في مانع، وكما يقال: ( الرفيق قبل الطريق ) وإن كان هو يروى حديثا لكن بالمناسبة هو حديث غير صحيح، لكن كما تعلمون من الحديث الصحيح: ( الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب ). المهم انطلقنا وطبعا الطريق طويل ولا بد أن نتحدث، وما في أحسن من التحدث في الأمور الشرعية، فجاء دور البحث في هذه المسألة، فسبحان الله ونحن ننطلق في السيارة ألقي في بالي الصورة التالية وطرحتها عليه بقولي زعموا، زعموا بأن تلميذاً مُجداً ومجتهداً زاره شيخه ذات يوم في داره، فلما جلس وإذا به يرى صورته منصوبة على الجدار أمامه، فوعظ الشيخ تلميذه وقال له : يا فلان أنا أعرفك تلميذ صالح وتقي ومجتهد وإلى آخره، وكم من مرة أنا تلوت عليكم أحاديث في التحذير من الصور واقتنائها، وأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة أو كلب ، فكيف أنت وضعت هذه الصورة؟ قال: والله يا سيدي الشيخ هذا حبا وذكرى، كما تعلمون فلسفة اليوم يعني من هالباب هذا، وسرعان ما أنزل الصورة، وكما يقولون في دمشق راحت أيام وجاءت أيام ونسيت هذه القضية، زار الشيخ أيضا تلميذه مرة أخرى وإذا به يرى الصورة مكانها، قال له: يا فلان ما لك؟! ألا تذكر أنا زرتك المرة الأولى؟ قال له: يا سيدي أنا فهمت منك أن الصورة اليدوية محرمة، أما الصورة الفوتوغرافية فهي مباحة، فهذه صورة فوتوغرافية، فربت على كتفه وقال له: بارك الله فيك، أنت تلميذ فقيه. فسبحان الله! أي ظاهرية أجمد من هذا، الصورة أخت تلك الصورة، إلا أن الوسيلة إيش؟ اختلفت، تلك باليد وهذه بالآلة، وأنا أقول: باليد والآلة معا، يعني هذا أشبه ببعض ما يُنقل عن بعض الظاهرية في تأويل بعض الأحاديث تأويلا كما يقال: يُضحك الثكلى.
حديث أبي هريرة في الصحيحين: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد ) قال: فإذا بال في إناء ثم أراق هذا البول في الماء الراكد جاز، لماذا؟ لأنه لا يصدق عليه أنه بال في الماء الراكد، لأنه بال في الإناء الفارغ، ما بال في الماء الراكد. لكن أهل العلم جميعا ردوا هذا التأويل أو هذا المعنى الضيق جدا أنه من الواضح بداهة أن نهي الرسول عليه السلام عن البول في الماء الراكد يعني أحد شيئين: أقلهما المحافظة على نقاوة الماء وعدم تلويثه، والآخر وهو الأهم المحافظة على طهارته، فقد يتنجس فيما إذا غلبته النجاسة، فإذن سواء كان البول مباشرة أو بالواسطة، وعلى هذا قلنا: نحن عندنا في دمشق نهر قذر جداً يسمونه نهر اليط، لأنو كل مجاري المراحيض تنصب عليه، هذا إذن هذا النهر لا شيء فيه لأنه لم يتغوط فيه مباشرة لم يُبل فيه مباشرة، ما يقول هذا إنسان إلا يكون ظاهرياً مقيتاً جدا.
مثله في البكر قوله عليه السلام: ( وإذنها صُماتها )، قال ذاك الظاهري: فإذا جاء وليها وقال لها: فلان يخطبك؟ فقالت: رضيت، ما صح، يجب أن تسكت، فإذا نطقت ولم تصمت خالفت الحديث، وواضح من هذا الحديث أن الشارع الحكيم لاحظ طبيعة البنات الأبكار، لكن كما نقول في الشام: اسقا الله، يعني مضى ذاك الزمان الذي شبه فيه الرسول عليه السلام في حديث أبي هريرة أيضاً: ( أنه عليه السلام كان أشد حياءً ) أو لعله من حديث أبي سعيد الخدري ( كان أشد حياء من البكر في خدرها ) هذه البنت البكر الحيية الخجولة هذه إذا صمتت فهذا عُذر من الشارع، لكن إذا كان عندها شيء من الجرأة وقالت: رضيت، لماذا لا يقبل منها إلا أن تصمت؟! فهذه ظاهرية تشبه ظاهرية هذا الزمان.
المضاهاة في الكاميرا أدق بكثير وأشد من المضاهاة بالريشة أو بالقلم أو بأي شيء، تأتي الآن المضاهاة الأشد وهي الفيديو، الفيديو تراه يحرك رأسه يحرك شفته وكأنه شخص حقيقة أمامك، أيضا هذا ليس مضاهاة؟! هذا مضاهاة، ما بقي إلا أن ينفخوا فيه الروح، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال في بعض الأحاديث عن تلك الصور التي كانت تُصور بالدهان أو بالقلم أو بنحو ذلك أو تنحت نحتا من الحجر الأصم يقال لهم: ( أحيوا ما خلقتم )، وهم ما صنعوا شيئاً غير أنهم شبهوا هذه الصورة الظاهرة بخلق الله عز وجل، فما بالك اليوم الفيديو لا شك أن هذه مضاهاة أشد وأخطر من كل صورة تذكر اليوم في هذا المجال.
لهذا نحن نقول: لا فرق بين الصور اليدوية والصور الفوتوغرافية والصور الفيديوية، لا فرق بينها كلها، وأشدها حرمة هي هذه الأخيرة، لأن المضاهاة فيها تتجلى بأظهر معانيها.