هل يعمل بخبر الآحاد لاسيما في باب العقيدة مطلقا أم لا بد من اشتراط تلقي الأمة له بالقبول ؟ حفظ
السائل : سؤال هل يعمل بخبر الآحاد لاسيما في باب العقيدة مطلقا أم لا بد من اشتراط تلقي الأمة له بالقبول ؟
الشيخ : لا هذا الشرط هذا الشرط إنما يقال لنصف الخبر الذي جاء بطريق الآحاد بأنه يفيد اليقين كخبر التواتر واضح هذا أظنه؟ لكن لا يشترط في الخبر الذي يتضمن عقيدة أو أمرا غيبيا أو حكما علميا كما يقول ابن القيم رحمه الله لا يشترط أن يكون متواترا اصطلاحا أو مفيدا لليقين بالمعنى الذي ذكرناه آنفا أي تلقته الأمة بالقبول لا يشترط مثل هذا الشرط إطلاقا لأن التفريق فيما أعتقد جازما بين الأحكام العملية وبين الأخبار العلمية فيشترط في هذه ما لا يشترط في تلك هذه بلا شك بدعة من بدع علم الكلام
وكما نعلم جميعا من السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يرسل أفرادا من أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم ليعلموا الناس دينهم ومن أشهرهم والذي اقترن معه دليل - وعليكم السلام - الموجب لأخذ العقيدة ولو من خبر الآحاد من أشهرهم معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه حيث نعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسله إلى اليمن ولما أرسله إليها أوصاه وأمره كما في حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( لما أرسل معاذا إلى اليمن قال له : ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ) فإذن هو دعاهم إلى العقيدة بل إلى أس العقيدة وهي التوحيد وهو فرد ولذلك فمثل هذا الاشتراط ليس له يعني دليل شرعي ولو من عمل السلف الصالح
وقد كانت جرت بيني وبين بعض من يتبنون هذا الشرط في العقائد كثير من المناقشات وقد قلت مرة لأحدهم وهذا في الواقع مفحم لهم وموقظ لضمائرهم إن كانوا يريدون الحق مثلت صورة قلت ذهب أحدكم يوما ما إلى بلد أجنبي كاليابان وأخذ يدعو إلى الإسلام وكان مما دعاهم إليه ما جاء في كتاب شيخهم نظام الإسلام أنه لا يجوز الأخذ بحديث الآحاد في العقائد فلو أنهم فيما بعد طوروا هذه العبارة وجعلوها لا يجب بدل لا يجوز فقلت فهو يلقنهم مثل هذه العقيدة التي ينقض دعوتهم من أصلها لأنها عقيدة وليست قائمة على دليل قطعي بالكتاب والسنة من أين نأخذ أن حديث الآحاد لا يؤخذ به في العقيدة ليس هناك إطلاقا أي نص من الكتاب أو السنة إلا ما يتوهمونه من أن حديث الآحاد يفيد الظن ثم يتبعون هذا الظن بمثل قوله تعالى : (( إن يتبعون إلا الظن )) والآية التي حكاها الله عز وجل عن المشركين : (( إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين )) فيحملون الظن حيثما ذكر على الظن اللغوي الذي يتردد فيه الإنسان فلا هو مصدق ولا هو بمكذب بينما حديث الآحاد باتفاق العلماء يعتقدون أن حديث الآحاد يفيد الظن الغالب ولذلك قلنا لهم لماذا أنتم تأخذون إذن بحديث الآحاد في الأحكام ما دام أنه لا يفيد إلا الظن وبزعمهم هو الظن المذموم بينما ليس هو المراد وإنما المراد الظن الغالب الراجح فقام أحدهم أعود إلى القصة التي صورتها لأحدهم فقام أحد المحاضرين قال له يا أستاذ أنت تلقننا هذه العقيدة وعلى حسب ما تلقننا منها يجب أن تعود أدراجك إلى بلدك وأن تأتينا بعدد التواتر حتى يشهدوا معك أن هذه عقيدة وإلا صارت العقيدة خبر آحاد وكذلك قلت لهم عامة المسلمين ليس لهم خبر متواتر عامة المسلمين ليس لهم خبر متواتر ذلك لأن الخبر المتواتر في اصطلاح العلماء يشترطون فيه التواتر في كل طبقة في كل طبقة من الصحابي إلى التابعي إلى أتباع إلى إلى آخره
وقلت وقلت لو أن شيخكم تقي الدين رحمه الله وغفر لنا وله قال لكم : أنا تتبعت حديث عذاب القبر مثلا ثبت عندي تواتره فيجب عليكم اعتقاده لا يجب عليكم اعتقاده بحكم القاعدة التي وضعها صاحبهم هذا أو إمامهم لم ؟ لأن التواتر انقطع هو واحد هو واحد خبر التواتر انقطع وهذا معناه تشكيك المسلمين في كل العقائد وبخاصة إذا ما تذكرنا الفلسفة الفقهية الأخرى التي هم - وعليكم السلام - التي هم أيضا يتبنونها في الخبر المتواتر يشترطون فيه أن يكون أيضا قطعي الدلالة ولا يكفي في الخبر أن يكون قطعي الثبوت بل لا بد أن يجمع شرطين قطعي الثبوت وقطعي الدلالة فحينئذ قطعي الدلالة قد لا يوجد في كثير من النصوص التي هم يقطعون بثبوتها رواية لكن مجرد أن يكون هناك في المسألة قولان فهذا مما يذكرنا بالنكتة التي نرويها حينما قال السائل للمفتي الجاهل الذي كان حينما يسأل نيابة عن أبيه المفتي هو لا يدري فلان قال لزوجته كذا وكذا هل طلقت ؟ يقول في المسألة قولان آخر يسأل هذا حرام أم حلال؟ في المسألة قولان هناك في المجلس شاب كيس قال لصاحبه سله : أفي الله شك ؟ قال يا سيدي الشيخ أفي الله شك ؟ قال : في المسألة قولان.
فقصدي من هذا أدخلوا التشكيك في النصوص من الناحيتين من ناحية الثبوت ومن ناحية الدلالة وهذا بلا شك يعني أمر محدثا محدث لا يعرفه السلف
لهذا نحن نقول لا يشترط في الحديث الصحيح أن يكون متواترا ولا أن يكون أيضا آحادا تلقته الأمة بالقبول يكفي أن يكون الحديث صحيحا فيجب أن نؤمن به وهنا أيضا نكتة علمية وأنا أقولها لكي يعرف بعض الحاضرين على الأقل كيف يحاجون هؤلاء المنحرفين عن منهج السلف الصالح في تلقيهم لأحكام الشرع قلت لهم مرة ماذا تفعلون إذا جاءكم حديث صحيح آحاد لكن هو يتضمن من جهة عقيدة ومن جهة أخرى يتضمن حكما فإن أخذتم به لأنه يتضمن حكما أخذتم به وقد تضمن عقيدة وإن رفضمتوه لأنه تضمن عقيدة بزعم أنه حديث آحاد رفضتم دعواكم بأن حديث الآحاد يؤخذ به في الأحكام وضربت له مثلا الحديث الصحيح قال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري : ( إذا جلس أحدكم في التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع : يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ) متواتر عذاب جهنم متواتر ( وأعوذ بك من عذاب القبر ) غير متواتر عندهم وقد صرحوا بهذا مع الأسف الشديد ) فماذا تفعلون ؟ تستعيذون من عذاب القبر إن قلتم نعم لكن تؤمنون به إذن كان من نتائج هذه المناقشات هناك في دمشق وكانوا قد استأجروا جريدة تصدر في طرابلس الشام كانوا ينشرون فيها آراءهم فسبحان الله يعني يجري في بعضهم تجري الأهواء في نفوسهم كجريان كما قال عليه السلام داء الكلب والعياذ بالله خرجوا ببدعة جديدة قالوا نحن نوجب لا نجيز الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة بمعنى الإيمان لكن نوجب ذلك بمعنى التصديق لعب بالألفاظ لعب بالألفاظ فنسأل الله عز وجل أن يعصمنا من هذه الفتن ولا عاصم منها بعد الله عز وجل إلا الرجوع إلى مذهب السلف الصالح فهؤلاء يتلقون أحاديث الرسول عليه السلام وينقلونها إلى من بعدهم كما سمعوها دون فلسفة آحاد وتواتر وفلسفة ظني ويقيني غيره .