تتمة الجواب على سؤال هل يجوز الأخذ من اللحية ؟ حفظ
الشيخ : لهذا أنا أقول هذه النصوص الموجودة والواردة في الكتاب والسنة يجب أن تفهم على ما كان عليه السلف الصالح إذا عرفنا هذا عدنا إلى قوله عليه الصلاة والسلام : ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى ) ( أعفوا اللحى ) نص مطلق كتلك النصوص التي أشرت إليها آنفا والتي بنى عليها ذلك المشار إليه سابقا شرعية الاجتماع على الدعاء دبر الصلاة نصوص عامة كذلك يوجد اليوم في العصر الحاضر من يحتج على عدم جواز الأخذ من اللحية مطلقا لماذا ؟ أو ما حجته في ذلك ؟ إطلاق قوله عليه السلام : ( أعفوا اللحى ) هنا نحن نعود إلى قاعدتنا الرصينة التي هي صيانة لنا أن ننحرف يمينا أو يسارا فنقول : كيف كان فهم السلف لهذا النص المطلق الذي يفهمه الآن بعض الخلف على إطلاقه فلو أن رجلا بورك له في لحيته وأطالت حتى جرها أرضا لا يجوز له أن يأخذ منها قيد شعرة لماذا ؟ لأنه عليه السلام قال : ( وأعفوا اللحى ) نحن نقول : لم يكن السلف الصالح على هذا الإطلاق إطلاقا ودليلنا على ذلك يمكن أن نستدل له بدليلين اثنين : أحدهما سلبي والآخر إيجابي أما السلبي فهو أنه لم ينقل عن أحد من السلف الصالح أنه كان له لحية طويلة وطويلة تلفت أنظار الناس لأنه لو وجد شيء من هذه الظاهرة كما يقول الفقهاء العلماء حقا مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لو كان هذا لتوفرت الدواعي لنقله وليس شيء من ذلك إطلاقا بينما الآن في التاريخ المعاصر نجد كثيرا من الأخبار وشاهدت أنا بعض الصور أن رجلا لحيته إما يجرها أرضا أو يضعها في كيس كما أنني رأيت صورة لديك غريب الخلقة موضوع على جدار ارتفاعه نحو أربعة أمتار وهو كالديكة المعروفة لدينا وذيله قد وصل إلى الأرض هذا من عجائب المخلوقات يعتبر الشاهد هذا هو الدليل السلبي أنه لم ينقل فيما علمنا وفيما اطلعنا والدليل السلبي أنا أدري حين أقول إنه دليل سلبي أنه ليس في قوة الدليل الإيجابي الآتي ذكره لكنه على الأقل يصلح أن يكون شاهدا لما سأذكره من الدليل الإيجابي هذا الدليل الإيجابي هو أنه قد ثبت بالسند الصحيح عن صحابيين جليلين أنهما كانا يأخذنان ما زاد عن القبضة وتلقى ذلك عنهما إمام السنة الإمام أحمد رحمه الله فكان يأخذ ما زاد عن القبضة أولئك أبو هريرة من جهة وعبد الله بن عمر من جهة أخرى ومن الطرائف العلمية المفيدة أن هذين الصحابيين هما من رواة ذلك النص المطلق ( وأعفوا اللحى ) إذًا هنا يصح لي أن أقول ليس الخبر كالمعاينة وما راء كمن سمع هؤلاء بلا شك شاهدوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما سمعوا على الأقل قوله : ( وأعفوا اللحى ) على الأقل عاشوا معه أما ابن عمر فعاش معه سنين طويلة أما أبو هريرة فعاش معه ثلاث سنين وزيادة فإذًا أنا أعتقد وبخاصة بالنسبة عبد الله بن عمر الذي يعرف بحق بأنه كان أعبد الناس عفوا أعبد الأصحاب وحتى بلغ به الأمر إلى نوع من الاجتهاد الذي أداه إلى المبالغة في العبادة خلافا لأبيه عمر الفاروق رضي الله تعالى عنه هذا الصحابي إذا رأيناه يتهرب من أمر يستدل به من جاء من بعده ممن نقل الحديث عنه وعن مثله يستدلون بالعموم أو بالإطلاق المذكور في الحديث وهو يخالف هذا الإطلاق فإذًا ليس الخبر كالمعاينة وما راء كمن سمع يستحيل بالنسبة لابن عمر هذا المتعبد الزاهد أن يرى الرسول عليه السلام قد طالت لحيته ولا يأخذ منها كما يدعي بعض المتأخرين أن يخالفه هو هذا أمر مستحيل لذلك نقول ما دام هذين الصحابيين فهما الحديث مقيدا فأنا أستلزم وهذا جواب الطرف الأول من سؤالك أستلزم أن الرسول عليه السلام كان يأخذ لكني لا أقول كان يأخذ لأن الأمر يحتاج إلى نص كما أنه لا يجوز لأي عالم يستنبط مسألة من كتاب الله أو من سنة أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم استنباطا أن يستدل على هذا المستنبط منه بحديث لا يصح لو كان لي أن أستدل على مثل هذا لقلت روى الإمام الترمذي في * سننه * عن أحد الصحابة لعله ابن عمر لا أذكر الآن يقينا ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأخذ من عرضها وطولها ) لكن الحديث ضعيف جدا ولذلك نحن نضرب عنه صفحا ونستغني عن الاستدلال به بمثل هذا الاستنباط الذي يوافق الأصول العلمية وبخاصة الأصل السلفي الذي دندنت حوله آنفا وفي ظني أنه بذلك نكون قد أجبنا عن السؤال وخلاصة ذلك : أنه لا يوجد نص صحيح رواية عن الرسول عليه السلام أنه كان يأخذ ما زاد عن القبضة بل أنه كان يأخذ مطلقا إلا ذاك الحديث الواهي الشديد الضعف لكن هذا الأخذ مأخوذ من الذين شاهدوه ومن الذين رووا عنه قوله عليه السلام : ( وأعفوا اللحى ) وبهذا القدر كفاية .
السائل : جزاك الله خير .
الشيخ : وإياك .