تساهل العلماء في رواية الآثار , وسبب ذلك حفظ
الشيخ : وإذا كنا أيضاً نعرف بالتجربة أن الحافظ ابن حجر العسقلاني مع أنه تعهد في مقدمة فتحه بأنه لا يسكت عن رواية من الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا إذا كانت هذه الرواية بلغت عنده مرتبة الحسن فهو يسكت ، أما إذا كانت ضعيفة فلا يسكت ونحن نعلم أن هذه القاعدة هو ملتزمها ولكن ليس بالمئة مئة لأنه ليس معصوماً ولذلك فنحن نأخذ عليه كثيراً من الأحاديث النبوية التي سكت عنها وهي مما لا يستحق السكوت عنها لماذا ؟ طبيعة البشر ما في عصمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإذا كان هذا واقعاً في الأحاديث النبوية فماذا يقال في الآثار السلفية؟ إنهم على خلاف الأحاديث يتساهلون في روايتها
ولذلك فأنا أذكر بهذه المناسبة أنه ما ينبغي لطالب العلم إذا مثلاً راجع كتاب نيل الأوطار للشوكاني فتجده هناك يقول : أن مذهب فلان وفلان وفلان من الصحابة كذا وكذا ، فيمتلئ ذهن طالب العلم بأن مذهب السلف هو كما قال الشوكاني عن فلان وفلان ، هذه روايات في كثير من الأحيان لا تثبت أمام النقل العلمي والعاقبة أنهم قد يتأولون حديثاً صحيحاً بسبب مثل هذه الآثار التي لم تثبت لماذا ؟ لأن العلماء يتساهلون في الآثار ما لا يتساهلون في الأحاديث كما هو شأنهم تماماً حينما قسموا الأحديث إلى قسمين : أحاديث أحكام وأحديث ترغيب وترهيب قالوا في أحاديث الأحكام لا بد أن تكون ثابتة ، في أحاديث الترهيب والترغيب نحن نتساهل فيها ، نفس هذا فعلوه بالنسبة للأحاديث من جهة والآثار من جهة فكان موقفهم بالنسبة للأحاديث موقفاً علمياً صحيحاً ، أما موقفهم بالنسبة للآثار السلفية فكانوا متساهلين ولا بأس من ذلك لأننا أولاً لسنا مكلفين أن نعرف هل هذا الأثر صح عن أبي بكر أو عمر لأننا لا نبني عليه شرعاً لكن ليس الأمر كذلك فيما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثانياً لا نستطيع أن نقوم بتصحيح الآثار السلفية لأنها من الكثرة بحيث لا يستطيع الإنسان أن يحيط بها ، لأن الآثار السلفية نابعة من ألوف مؤلفة من الرجال بينما الأحاديث النبوية نابعة من شخص واحد هو رسول الله بالكاد أن العلماء يحيطوا بهذه الأحاديث النبوية فضلاً عن الآثار السلفية لذلك فما ينبغي أن نتحمس ، بيت القصيد مما ذكرته ، ما ينبغي أن نتحمس كثيراً لبعض الآثار التي تكون مخالفة إما لقاعدة شرعية أو لنص شرعي كمثل هذا ، هذا ما أردت بيانه ، لعلك تسمح لنا الآن بالانصراف ؟ يسمح