نرجو بيان طريق أهل السنة والجماعة في إقامة الحكم لله أو ما يسمى الحاكمية لله ، وأن اتباع الطرق المختلفة في غير هذا الطريق لا ينفع الأمة ولا يتقدم بها ؟ حفظ
الشيخ : فنحن مع كل الذين يدعون إلى إقامة حكم الله في الأرض ، وتحقيق ما يسمونه اليوم : بأن الحاكمية لله عز وجل وحده لا شريك له ، نحن معهم في هذا ، ولكننا نختلف عنهم كل الاختلاف في الطريق ، طريقنا طويل ومديد ، طريقهم قصير ولكنه منحرف عن الصراط المستقيم ، وذلك ما أشار إليه الرسول صلوات الله وسلامه عليه في هذه الصورة الجميلة البديعة، حينما خط الصراط المستقيم خطا طويلا مستقيما ، وخط الطرق المتعرجة عنه طرقا قصيرة ، إشارة إلى هذه الحقيقة وهي: أن الطرق الشيطانية ، والتي يزعم دعاتها أنها تؤدي بهم إلى تحقيق الإسلام وإقامة حكمه في الأرض ، أنها ليست من الطرق التي تؤدي إلى الخير ، ذلك لأن الطريق المؤدي إلى الخير هو طريق واحد ، يجوز لي أن أقول : لا شريك له ، طريق واحد لأنه وحي السماء ، وحي من الله على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو لا يقبل التعدد كالموحي به وهو الله تبارك وتعالى ، ومن عجائب ما انحرف به المسلمون عن نصوص الكتاب والسنة ، وبخاصة هذا الحديث : أنهم يصدمون الحديث صدما ، فهو مع تصريحه بأن الطريق واحد ، يقولون : الطرق الموصلة إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ، فإذا كان ربنا عز وجل قد تفضل علينا ، وهدانا إلى أن وقفنا للسلوك في هذا الطريق المستقيم ، فيجب علينا أمران اثنان : الأمر الأول : أن نقدر هذه النعمة ، وأن نقوم بشكرها لربنا تبارك وتعالى ، فأنتم تعلمون قوله عز وجل : (( لئن شكرتم لأزيدنكم )) ، فإننا إذا شكرنا ربنا عز وجل على ما هدانا إلى هذا الطريق المستقيم ، زادنا هدى ، وزادنا بصيرة في السير في هذا الطريق ، وصبرنا أمام المشاق التي تعترض سبيلنا من الدعاة إلى هذه الطرق المنحرفة عن الصراط المستقيم ، ويجعلون من أولئك الغرباء الذين قال فيهم : ( فطوبى للغرباء ) ، ذلك قوله عليه السلام : ( إن الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا ، فطوبى للغرباء ) ، جاء في تفسير الغرباء روايات ، وكلها تنطبق على كثير من الدعاة إلى اتباع الكتاب والسنة ، وذلك من فضل الله ، من تلك الروايات : ( قيل يا رسول الله من هم الغرباء ؟ قال : هم ناس قليلون صالحون ، بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ) ، وهذا هو الواقع كما تشهدون ، وما له من دافع ، ( أناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ) ، ولذلك كانوا غرباء حتى بين أقاربهم ، حتى بين آبائهم وأمهاتهم ، ذلك لأن القرابة الدينية هي أقوى صلة وربطا للأقارب في الدين من القرابة النسبية ، فلذلك فهؤلاء الغرباء الصالحون ، إنما هم غرباء من ناحية العقيدة ، ومن ناحيةة اتباع الكتاب والسنة ، ولو كانوا يعيشون بين أقارب لهم ، وقبيلة لهم ، ومع ذلك فهم غرباء ، لأنهم صالحون والذين حولهم طالحون ، هذه رواية ، والرواية الأخرى وهي أبدع ، وهي أحفز لنا في أن نثابر على طريقنا وأن نصبر في ذلك ، ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : ( الغرباء هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي ) ، ( الغرباء هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي ) ، هذه الصفة هي صفة الدعاة إلى الكتاب والسنة ، وعلى منهج السلف الصالح ، جعلنا الله تبارك وتعالى منهم.