توضيح الشيخ للبيان الفعلي من السنة للآيات التي لها معان متعددة. حفظ
الشيخ : البيان الثاني في نفس الآية : (( فاقطعوا أيديهما )) اليد في اللغة تطلق ويراد الكف والذراع والعضد ، فلو أن حاكما ما ، يزعم أنه يحكم بالقرآن أخذ سارقا قطع ما قيمته ربع دينار فصاعدا ، على السنة كما ذكرنا ، فقطع يده من المنكب ، من الكتف ، هل يكون قد طبق القرآن الكريم ؟! نقول : لا ، هو طبق فهمه للقرآن الكريم ، إنه فهم اليد هنا مطلقة ، وحقيقة لو أن هناك نص في القرآن الكريم ، وفي السنة بطبيعة الحال مطلق ، فيجب أن يؤخذ على إطلاقه ، إلا إذا جاء مقيدا في نص إما في القرآن أو في السنة ، فالآن هنا : من قطع يد السارق عند الكتف يكون مخالفا للسنة ، بل ولو قطع من عند المرفق يكون مخالفا للسنة ، لماذا ؟ لأن السنة إنما جاءت في قطع الكف فقط من عند الرسغ ، هذا البيان يختلف عن البيان السابق ، البيان السابق أعني به قوله عليه السلام : ( لا قطع ... ) إلى آخره بيان بقوله عليه الصلاة والسلام ، أما البيان الثاني وهو القطع قطع يد السارق من عند الرسغ ، فهو بيان بفعله ، أي إنه عليه السلام كان يقطع يد السارق ، ولم يقل لا تقطع يد السارق إلا من عند الرسغ ، لا يوجد مثل هذا الحديث ، لكن أغنانا عن مثله تطبيقه عليه الصلاة والسلام لهذه الآية الكريمة تطبيقا عمليا ، حيث قطع يد السارق عند الرسغ ، إذن هذا مثال قد أوضح لنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيّن أن السارق ليس كل سارق ، وبيّن أنَّ ليس كل يد تقطع من كل مكان شاء الحاكم ، ذلك من البيان الذي جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام فضلا عن الأمور الأخرى والأخرى وهي كثيرة جدا جدا ، خلينا الآن نأتي بمثال مما نحن نتعرض له يوميا إلى أن يحين وقت الصلاة أو الإفطار معا ، كلكم يقرأ قول الله عز وجل : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين )) ، هل يمكن لأحد أن يأتينا بكيفية الصلاة التي أولها التكبير وآخرها التسليم من غير السنة النبوية ؟! لا سبيل إلى غير ذلك ، فقوله : (( وأقيموا الصلاة )) كلام مجمل ، معناه : أحسنوا أداء الصلاة ، ولكن هنا يرد سؤال كيف يكون إقامة الصلاة وإحسانها ؟! يكون على ضوء تطبيق أحاديث كثيرة وكثيرة جدا ، مِن أصولها ورؤوسها الحديث المعروف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ، هنا الآن يأتي دور بيان : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) ، ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) : نحن والذين قبلنا من عصور إلى القرن الثاني أي التابعين كل هذه القرون المديدة الطويلة المباركة لم تر صلاة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهي بناء على ذلك ، لا يمكنها أن تحقق هذا الأمر القرآني : (( وأقيموا الصلاة )) : أي أحسنوا أداء الصلاة ، ولكننا نحسن الآن والحمدلله أن نؤدي الصلاة ، اعتمادا على من ؟! اعتمادا على سبيل المؤمنين ، وهم الصحابة الأولون ، فهم الذين خاطبهم الرسول عليه السلام بقوله السابق : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ، نحن لم نره عليه الصلاة والسلام ، لكن الذين رأوه وشاهدوه وصفوا لنا ليس فقط صلاته عليه السلام ، بل الشريعة كلها التي أصلها ودستورها القرآن ، وتفصيلها في كلام الرسول عليه السلام ، وسنته الفعلية ، وفي نقل السلف الأول وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم