هل يجوز لبس الساعة في اليد اليسرى؟ حفظ
الشيخ : اسمعوا من لم تسمعوا من كبار الرجال !
الطالب : الله أكبر !!
الشيخ : أسمعهم !
الطالب : هل يجوز لبس الساعة في اليد اليسرى ؟
الشيخ : طبعا كلمة يجوز ولا يجوز في الاصطلاح الشرعي ، كل من الكلمتين : يجوز ولا يجوز ، تقابل حرام وحلال ، لا يجوز يعني حرام ، ويجوز يعني جائز ، فإذا فسرنا سؤال هذا الغلام بقوله هل يجوز بمعنى ليس حراما ؟ فالجواب : نعم ، ليس حراما ، لكن في الوقت نفسه ليس مستحبا ، وضع الساعة في اليد اليسرى ، ذلك لأنها عادة للكفار ، ونحن في مثل هذه المناسبة نذكر بجزئيتين اثنتين ، إحداهما : معروفة عند عامة طلاب العلم على الأقل ، وهو : ( نهي الرسول عليه السلام عن التشبه بالكفار ) ، لكن ما لا يعلمه الكثيرون : ( أمر الرسول عليه السلام المسلمين بمخالفة الكفار ) ، الأمر بمخالفة الكفار شيء ، والنهي عن التشبه بالكفار شيء آخر ، والفرق أن من لم يخالف الكفار في عاداتهم الغالبة التي يشترك فيها عامة الناس ، فهو ليس متشبها بهم ، لكن في الوقت نفسه هو مأمور بأن يخالفهم ، ويظهر الفرق بين الموضوعين في النهي عن التشبه من جهة ، والأمر بالمخالفة من جهة أخرى ، في ظاهرة كونية طبيعية لا يملك الإنسان مخالفتها ، سواء كان مسلما أو كافرا ، وهو : الشيب ، الذي هو من سنة الله عز وجل في خلقه ، فلا يختص الشيب بالمسلم ولا بالكافر فإنهما بشر يتميزون بالإيمان وبطاعة الرحمن ، أما في الشيب فهو أمر طبيعي كسائر ما يتعلق بالإنسان من حيث أنه خلق من خلق الرحمن ، فإذا شاب المسلم هذا ليس من صنعه ، وإذا شاب الكافر فهذا ليس من صنعه ، فلا يقال : هذا تشبه بهذا لأنه ليس في ملكه وفي قدرته ، مع ذلك يقول الشارع الحكيم : ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم ) ، لا يصبغون فخالفوهم : جاءت المخالفة ، وفي وهناك نصوص كثيرة يأتي فيها الأمر بالمخالفة ، وما العهد عنكم ببعيد في موضوع : ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) ، يختلف الأمر في موضوع حف الشارب وإعفاء اللحية ، لأن هذا في قدرة الإنسان ومن إرادته واستطاعته ، ومع ذلك فقد ختم هذا الأمر ، الأمرين بقوله : ( وخالفوا اليهود والنصارى ) ، من أجل ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم : اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم : " تكرار الرسول عليه السلام لهذه الجملة تعني أن هناك قاعدة شرعية : وهي أن يتقصد المسلم مخالفة الكافر ولو في شيء لا يملكه " ، كما ضربنا مثلا آنفا في الشيب : ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) ، على هذا قد تكشّف لنا أنه يستحب في حقنا أن نتقصد مخالفة المشركين في كل ما يمكننا أن نخالفهم فيه ، وأقرب مثال هو ما سأل عنه هذا الغلام ، نحن نرى الآن كافة البشر لا نستثني مسلما من كافر يضعون الساعة اليدوية في اليد اليسرى ، فنحن قلنا : إعمالا لهذا النص العام الشامل الذي لا حدود له ، وقلنا : مخالفتنا لهؤلاء الكفار في شيء هو من فعلهم وفي شيء هو من فعلنا نحن، فعلينا إذاً أن نخالفهم ، فرأينا أن نضع الساعات في أيماننا ، وليس في شمائلنا ، مخالفة للكفار ، لكن من لم يفعل ذلك ، ما نقول : إنه تشبه ، لأن هذا ليس شعارا لهم ، وليس ظاهرة من ظواهر الكفر لما ترون أن عامة الناس حتى المسلمين يضعون الساعة في اليد اليسرى ، إذاً يجوز باختصار مع الكراهة ، لا مع التحريم ، وقد وضح الجواب إن شاء الله ، لكن من كان له ملاحظة أو سؤال حول موضوع نحب أن نسمعه !