نصيحة الشيخ باختيار الزوجة الولود تحقيقاً لرغبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحصيلاً للأجر المترتب عليه وعدم الالتفات إلى دعوة تحديد النسل وتنظيمه مع بيان معنى الورود في الآية (( وإن منكم إلا واردها )) . حفظ
هذا الكلام يوصلنا إلى التحدث عن مسألة أخرى ، ألا وهي البنون من المستحب بالنسبة للمسلم والراغب في الزواج أن يبحث عن الزوجة التي يظن أنها ولود ، أقول يظن أنها ولود لأنه لا يمكن القطع بأن الفتاة الفلانية هي ولود ولكن ممكن بالظن الغالب أن يحكم على ذلك بالنظر إلى أبيها وأمها وجدتها ونحو ذلك من السلالة ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه أنه قال ( تزوجوا الودود الولود فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة ) ففي هذا الحديث حض النبي صلى الله عليه وسلم أمته على أن يتقصدوا الاقتران والزواج بالفتاة الولود وقد عرفتم كيف يمكن بغلبة الظن التعرف على الفتاة الولود و،وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح علة أمره المذكور في قوله ( تزوجوا الودود الولود ) ذلك هو قوله صلى الله عليه وسلم ، في تمام الحديث ( فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة ) إذا عرفنا هذا الحديث النبوي الكريم استطعنا بعد ذلك أن ننفذ وأن نتوصل إلى مسألة طالما ابتلي بها كثير من الأزواج وهو الذي عرف في العصر الحاضر بتحديد النسل أو بتنظيم النسل، يجب أن نعلم أن هذا التحديد أو التنظيم هو من الأمور الدخيلة في الإسلام والتي يشجع المسلمين عليها أعداء الإسلام ، ذلك لأن توالد المسلمين لا شك أنه قوة لهم ، ومن أجل ذلك قال عليه السلام في الحديث السابق ( فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة ) فإذا رزق المسلم زوجة ولودا فقد حقق بذلك ذاك الأمر النبوي الكريم ( تزوجوا الولود الودود ) فحينئذ لا ينبغي للمسلم أن يتعاطى من الأسباب ما يقف في سبيل تحقيق هذه الرغبة النبوية الكريمة ألا وهو تحديد النسل أو تنظيم النسل، لا يليق بالمسلمين أن يغتروا بتقاليد الكافرين، لاسيما إذا كانوا يصدرون بعض تقاليدهم لغاية سياسية يرمون من ورائها إلى تضعيف شوكة المسلمين والذهاب بقوتهم من ذلك ما أرسلوه وأوفدوه إلينا بطرقهم الشتى وزينوا لنا ما سبق ذكره من تحديد النسل وتنظيمه ، قد يتبنى ذلك بعض الشعوب والأمم التي لا دين لها، يوجهها إلى صالح دنياها وأخراها كالوثنين مثلا والهندوس ونحو ذلك والصين الشيوعين حيث جروا مدة وسنين يتعاطون طريقة قطع النسل بطريقة الربط المعروف لعرق عند النساء قد يتبنى هذا الكفار الذين لا دين لهم أما المسلمون فينبغي أن يكونوا بعيدين كل البعد عن أن يتأثروا بمثل هذه النظم التي يصدرها الكفار إلى بعض الشعوب الأخرى بسبب تضعيفهم والذهاب بقوتهم وشوكتهم ، لاغرابة أن يتبنى ذلك من ليس مسلما لأن غير المسلم لا يرجوا من هذه الحياة الدنيا إلا أن يتمتع فيها كما وصفهم الله عز وجل في كتابه أنهم يتمتعون كما تتمتع الأنعام ، المسلم ليس كذلك إنه يحيى ليس لهذه الحياة وإنما لحياة أخرى هي الحياة الأبدية يعيش فيها المسلم إما كما هو المرجو به حياة سعيدة في جنات نعيم أو يعيش لا سمح الله حياة تعيسة شقية في النار والجحيم معرضين عن الاهتداء بشرع الله عز وجل الذي أرسل به محمدا صلى الله عليه وسلم ، كما قال عز وجل (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ))، إن المسلم حينما يرزقه الله تبارك وتعالى امرأة صالحة ولودا فهذه نعمة من الله عز وجل أرسلها إليه لأنه سيرزق من الأولاد ما يزداد به تقربا إلى الله تبارك وتعالى لأنه يتزوج ليس للتمتع كما تتمتع الأنعام للتسافد كما تتسافد الحمر والبهائم وإنما هو ليتقرب بذلك إلى الله عز وجل تجاوبه بمثل قوله عليه الصلاة والسلام ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )، الرجل المسلم أو الشاب المسلم حينما يتزوج فإنما يتزوج تنفيذا لحكم شرعي وليس اتباعا لهوى النفس فقط ، وأقول ليس اتباعا لهوى النفس فقط لأن المسلم يؤجر على قضائه لشهوته خلاف الكافر وخلاف الفاجر وذلك ما جاء به النص الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حينما جاء رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن الفقراء جاء رسولا من أصحابه الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ليقول يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويحجون كما نحج ويتصدقون ولا نتصدق قال عليه الصلاة والسلام ( إن لكم بكل تسبيحة صدقة وبكل تحميدة صدقة وبكل تكبيرة صدقة ويكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة وإصلاح بين اثنين صدقة وفي بضع أحدكم صدقة ) الشاهد هنا قال عليه السلام ( وفي بضع أحدكم صدقة )، أي وفي مجامعة أحدكم لزوجته صدقة ، قالوا متعجبين يا رسول الله ، ( أياتي أحدنا شهوته وله عليه أجر ، قال نعم، أليس إذا وضعها في الحرام يكون عليه وزر ؟ قالوا بلى يا رسول الله ، قال فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له على ذلك أجر ) فالمسلم حينما يتزوج لا يقصد فقط قضاء وطره وأداء شهوته وإنما يقصد أيضا مع ذلك تنفيذ أمر الله عز وجل في مثل قوله تعالى (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع )) ، وقول الرسول عليه السلام السابق الذكر ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )، المسلم أيضا يبتغي من وراء تزوجه شيئا آخر وهو أن يكثر من نسل أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تحقيقا للرغبة النبوية السابقة ( تزوجوا الولود الودود ) كذلك يقصد أنه إذا رزق ولدا أو أولادا أن يعني بتربيتهم وان يكونوا خلفا لسلفهم الصالح للوالد الذي قان بتربية أولاده ، يترتب له من الأجر بعد وفاته كل ما فعله أولاده من بعده من الخير، لذلك قال ربنا تبارك وتعالى (( ونكتب ما قدموا وآثارهم ))،وقال الرسول صلى الله عليه وسلم تأكيد لجزء من هذا المعنى العام في هذه الآية ، (( ونكتب ما قدموا وآثارهم ))، قال عليه السلام ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) فإذا المسلم حينما يرزق من الأولاد ما شاء الله فتلك نعمة قدمها الله تبارك وتعالى إليه ليقوم بواجب تربية هؤلاء الأولاد وليأتيه من أجورهم من بعد وفاته إلى يوم القيامة وقد يصاب المسلم كما هو الواقع والمشاهد بوفاة ولد له أو أكثر فتأتيه أجورا أخرى غير تلك الأجور التي أشرنا إليها آنفا ، من ما لو أحياهم الله عز وجل له وعاشوا بعد وفاته فجاءه من حسناتهم دون أن يكون هو قد فعل هذه الحسنات ، فالآن الصورة الأخرى إذا أصيب المسلم بوفاة بعض أولاده ثم صبر على ذلك ورضي بقضاء الله وقدره ضمن له الجنة، قال عليه الصلاة والسلام ( ما من مسلمين ) - أي زوجين - ( يموت لهما ثلاثة من الولد إلا لن تمسه النار إلا تحلة القسم ، قالوا : واثنان يا رسول الله ، قال : واثنان ، قال أصحابه عليه الصلاة والسلام : حتى ظننا أننا لو قلنا وواحد لقال وواحد )، إذا المسلم المتزوج يعيش بين حسنتين لابد من أحداهما أن عاش أولاده من بعده جاءته أجورهم وهو في قبره وإن مات شيئا من ولده في قيد حياته فقد ضمن له الله تبارك وتعالى الجنة وأنه لن تمسه النار إلا تحلة القسم، ولا بد هنا أن نقف قليلا عند هذه الكلمة إلا تحلة القسم، ما معنى تحلة القسم يشير عليه الصلاة والسلام إلى قول الله عز وجل في القرآن (( وإن منكم إلا ورادها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ))، وإن منكم معشر الإنس والجن إلا واردها أي داخل النار لابد ولا مناص من ذلك ، لا فرق في ذلك بين بار ، وشقي كلهم (( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ))، الورود هن هو المرور على جسر جهنم الذي يحيط به لهيب نار جهنم ، الذين يمرون على الجسر ، لابد أن تحيط بهم النار سواء كانوا صالحين أو طالحين ،ولكن الصالحين منهم وهنا الشاهد لا تمسهم النار بسوء أي أن النار في حق الصالحين المارين في جسر جهنم تكون عليهم بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم ، فقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق المرور لكل الثقلين الإنس والجن مع فارق هام جدا أن الأبرار لا تمسهم النار إلا مجرد المرور تنفيذا لهذا القسم الإلهي (( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذي اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ))، المتقون يمرون على جهنم ولا يتساقطون فيها بخلاف الكفار فهم الذين يهوون في جهنم وبئس المصير ، إذا لماذا يسعى المسلم إلى تقليل نسله؟ هذه كرجل غني أنعم الله عليه تبارك وتعالى بكثير من المال فهو يضيعه ويحرقه مثل هذا كمثل هذا تماما بل الذي يضيع ولده ويقطع نسله أو يقلل نسله أمره شر من الذي يضيع ماله أو يقلل ماله، فهذه العادة التي بدأ بعض المسلمين اليوم يعتادونها مما ذكرنا آنفا من تحديد النسل أو تنظيمه هذه عادة كافرة لا صلة لها بالإسلام ولا تتفق مع عقلية المسلم الذي يحيا لله ويعيش مع أولاده ليصبحوا عبادا لله عز وجل صالحين تكتب أجورهم في صحيفة ليصبحوا أبويه إن عاشوا من بعده وإن ماتوا فقد ضمن الله تبارك وتعالى له الجنة وأن النار لن تمسه بسوء وأنه لا يدخلها إلا تحلة القسم هذا ما خطر في بالي أن أتحدث به إليكم وقد طلبت مني تلك الكلمة وإلا فأنا كنت متعبا وحضرت فقط لتهنئة أخينا ولكن لا ينبغي لنا أن نرد طلبا لأخ كريم لنا ما دمنا نجد إلى ذلك سبيلا، وهذا ما يسره الله لنا ونسأل الله عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا وأن يلهمنا العمل بما علمنا والحمد لله رب العالمين .
السائل : سؤال نرجو أن تزيدنا حوله إيضاحا وعلما .