كيف التوفيق بين قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل ) وبين ما جاء في الشرع من المؤاخذة على الأعمال القلبية مثل محبة ما يبغضه الله وبغض ما يحبه الله والكبر والعجب والحسد وسوء الظن بالمسلم ؟ حفظ
السائل : السؤال السادس حول عموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل ) مما تعلمته منكم بقاء هذا الحديث على عمومه لكن وردت علي إشكالات أرجو أن تجيبوا عليها منها : قول الحافظ في * الفتح * المجلد الأول صفحة تسعين عن الإمام النووي قوله في الآية : (( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم )) دليل على المذهب الصحيح أن أفعال القلوب يؤاخذ بها إن استقرت وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل ) فمحمول على ما إذا لم تستقر " قلت ( الحافظ ) ويمكن أن يستدل لذلك من عموم قوله : ( أو تعمل ) بأن الاعتقاد هو عمل القلب "
الشيخ : ما في مجال للظاهر للدخول جوا ؟
السائل : أيوا هو الأولى الحقيقة نبقى برا.
(( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) ومنها القيد الذي ثبت في بعض الأحاديث على عدم المؤاخذة وهو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي : ( إنما تركها من جرائي أو من أجلي ) ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : ( الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) ومنها : ثبوت الحرمة في أمور هي ليست بكلام ولا عمل مثل محبة ما يبغضه الله وبغض ما يحبه الله والكبر والعجب والحسد وسوء الظن بالمسلم من غير موجب أفيدونا بارك الله فيكم .
الشيخ : لدي جواب إجمالي وآخر تفصيلي . فالإجمالي يجب الوقوف عند كل فقرة أو كل دليل يحتج به على أن المسلم يؤاخذ بعمل القلب
نبدأ بالجواب الإجمالي : أقول : عمل القلب إما أن يكون عملا قلبيا محضا بحيث لا يرتبط معه عمل يُعرف شرعا بأن هذا العمل ذنب ففي الحال الأولى يكون العمل القلبي عقيدة فإذا كانت هذه العقيدة مخالفة للشريعة فلا شك أن المرء يؤاخذ بهذه العقيدة التي استقرت في قلبه كما جاء في بعض العبارات المنقولة عن الحافظ ابن حجر ، بخلاف ما إذا كانت العقيدة عبارة عن سانحة أو خاطرة فلا يؤاخذ عليها مهما كان شأنها بينما إذا استقرت في قلبه وتبناها أوخذ بها أما إذا كان العمل القلبي هو مرتبط بعمل جارحي من أعمال الجوارح وخطر في باله أن يعمل بهذا العمل لكنه لم يفعل فهذا النوع هو الذي تنصب عليه الأحاديث المعروفة التي منها : ( إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حديث به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به ) فهذه الجملة ( ما لم تتكلم أو تعمل ) هي توضح أن الذي تجاوز الله عنه هو ما استقر في القلب مما يرتبط به عمل جارحي فإذا ومن ذلك الكلام فإذا لم يعمل أو لم يتكلم فلا مؤاخذة أما إنسان اعتقد عقيدة واستقرت في قلبه فهو مؤاخذ بها على ذلك تحمل الأدلة التي سردت في السؤال وبذلك في ظني يزول الإشكال