كلام الشيخ على أدب من آداب المجالس وهو التفسح في المجلس . حفظ
الشيخ : هذا الجنس من المسلمين أوجه إليهم الآن البحث المتعلق بما بدئ به فيما يتعلق بالجلوس . فهناك حديث أخرجه البخاري ومسلم في * صحيحيهما * عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا ) ، ( لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ) ليس المقصود بهذا الحديث لا يقوم له هذا القيام المعتاد اليوم ، لأنه هذه أيضا مخالفة أخرى للشريعة ، لكن ليس بحثي لهذا النوع من المخالفة ، إنما بحثي الآن أن رجلا يجلس في مكان فيدخل داخل : قد يكون عاملا ، قد يكون صالحا ، قد يكون حاكما عادلا وهو يستحق كل إكرام وكل تعظيم ، لكن ليس كل إكرام وكل تعظيم يشرع تحقيقه بالإسلام ، إنما ما كان إكراما جائزا إسلاما : فهذا الذي يستحب لكل مسلم أن يكرم به غيره ، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح المعروف لدى جميع الحاضرين إن شاء الله ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقر كبيرنا ، ويعرف لعالمنا حقه ) فهذه آداب إسلامية يجب أولا : معرفتها ، ثم تحقيقها والعمل بها ، لأن أصل كل عمل إنما هو العلم (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) ، فالذي لا يعلم أنه لا إله إلا الله سيقع في الشرك شاء أم أبى ، ولذلك فالعلم يتقدم العمل ، فمن آداب المجالس ما جاء في حديث ابن عمر المذكور آنفا : ( لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ) ، فدخل الداخل ! وهو يستحق الإكرام ، فبم يكرم ؟ أيقوم الجالس له تعظيما ؟ ! الجواب : لا ، لكن لا أريد أيضا الخوض في هذه الجزئية من المسألة ، لكن هل يقوم من مجلسه ليفرغ هذا المجلس لذاك الرجل العالم الفاضل الصالح ؟! الجواب أيضا : لا ، لهذا الحديث ، الحديث العمري هذا حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما : ( لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ) ، إذًا ماذا نفعل : ( توسعوا ) ( تفسحوا وتوسعوا ) وهذا منصوص في القرآن الكريم : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ )) ، لذلك كان راوي هذا الحديث وهو عبد الله بن عمر إذا قام له الرجل : لا يجلس ، قام من كما يقولون : من كونه من وازع من نفسه ، مش هو أمره بأن يقوم ، أو أحد من الجالسين ، قم للشيخ يجلس في مكانك ؟! لا ، لو قام بوازع من شخصه من ضميره إكراما لهذا الداخل ، كان ابن عمر لا يجلس في ذلك المجلس ، لماذا ؟ لأنه هو الذي سمع الرسول عليه السلام يقول : ( لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ولكن تفسحوا وتوسعوا ) ، لذلك فالمسلم هو الذي ينظر في عواقب الأمور ، " من لم ينظر في العواقب ، ما الدهر له بصاحب " ، فإذا كان يرى أن هناك شخصا ينبغي أن يكرم بإنزاله في المنزل اللائق به إعمالا لحديث هو مشهور أيضا على ألسنة الناس ، بل ومروي في مقدمة صحيح الإمام مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنزلوا الناس منازلهم ) ، إلا أن هذا الحديث من الناحية أو الصناعة الحديثية : لا يثبت سنده ، ولذلك يقال بالتعبير الحديثي : روي عن رسول الله أنه قال : ( أنزلوا الناس منازلهم ) ، لأنه لم يصح إسناده.