الخلاف الواقع في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز في اللغة العربية حفظ
الشيخ : حول ما اصطلح عليه عند علماء اللغة مما يسمى بالحقيقة والمجاز وذكرنا ما خلاصته أن من يذهب إلى ما يسميه مجازاً لغة فهو اصطلاح من جملة الاصطلاحات الحادثة وأقول الآن لا مشاحة في الاصطلاح ولكن شريطة أن يؤدي هذا الاصطلاح أو غيره إلى مخالفة الشريعة في موطن ما ، وضربنا على ذلك مثلاً قوله تعالى : (( واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون )) فعلماء اللغة الذين ذهبوا إلى تقسيم دلالات الجمل إلى حقيقة ومجاز قالوا هذا مثال للمجاز وسموه بمجاز الحلف لأنهم يقدرون لفظاً هو هنا (( واسأل القرية )) أهل القرية (( والعير )) أهل العير ، فهذا يسمونه مجازاً لكن هذا اصطلاح ابن تيمية خالفهم فقال هنا لا مجاز إنما هي الحقيقة لأن المجاز الذي اصطلحوا عليه إنما يكون في جملة يبدوا منها معنى وليس هو المراد وإنما المراد منها معنى آخر فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه الآية الكريمة لا يمكن أن يتبادر إلى ذهن السامع لها أو التالي لها غير المعنى الذي يسمونه مجازاً فإذن هذا المعنى هو الحقيقة - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - وكذلك ذكرنا بعض الأمثلة في الاستعمالات العربية يقول الرجل : سرت والقمر أيضاً هذا يسمونه مجازاً لكن ابن تيمية يقول هذا ليس مجاز هذا حقيقي لأنه لا أحد يفهم المعنى الظاهر منه في العبارات الأخرى سرت والرجل ، سرت والقائم أي صاحبه معه أما هنا فلا يفهم سرت والقمر أي القمر معي ويده بيدي ، لا القمر في السماء وأنا في الأرض هذا المعنى المتبادر من هذه الجملة يسميه أولئك اللغويون مجازاً ابن تيمية يقول لا هذا ليس مجاز هذا حقيقة لأنه لا يمكن أن يفهم منه إلا هذا المعنى الظاهر وهو المعنى المتبادر وهو الحقيقة وليس المجاز كذلك مثلاً مما يسمونه مجازاً : سال الميزاب ، سار الميزار ظاهر معناه أنه ذاب من شدة الحرارة مثلاً ، المعدن ذاب ، ما أحد يفهم هذا الكلام وإنما المعنى المتبادر لكل من يتكلم اللغة العربية ، سال ماء الميزاب ، كالآية السابقة تماماً ، إذن أنتم تسمونه مجاز معليش لكن هو الحقيقة ، إلا أنه في مخالفة لقولهم أنه لا يصير السامع لا يخرج عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا كان هناك معنيان : المعنى الأول الحقيقي لا يمكن أن يكون مقصوداً ، إذن ننتقل منه إلى المعنى الآن غير متبادر فنسميه مجازاً في هذه الأمثلة كلها ليس هناك إلا معنى واحد باتفاق الناطقين بحرف الضاد والمتفقين على ما يسمونه بالحقيقة والمجاز في هذه الأمثلة ليس هناك إلا معنى واحد هذا المعنى الواحد الذي يسمونه مجازاً هو الحقيقة بعينها