بيان حال إسناد الحديث : (من غسل ميتا وكتم عليه ...) الحديث . حفظ
الشيخ : فالذي فعلناه الآن : رجعنا إلى معجم الطبراني الكبير ، لا سيما وقد طبع المجلد الذي فيه هذا الحديث ، والحمد لله ، أما الحاكم فموجود عندنا منذ قديم ، ووجدنا الحديث مدار الطرق عند الطبراني وعند الحاكم على رجل من رجال الشيخين ، ومن شيوخ الشيخين ، وهو : عبد الله بن يزيد المقرئ المصري ، فهذا من شيوخ البخاري ومسلم ، وما فوقه كذلك من رجال الشيخين أو واحد منهما ، فقال الحاكم : " إسناده صحيح على شرط مسلم " ، يعني المقري هذا فصاعدا ، أما من دونه فليس من شيوخ الشيخين ، وكذلك الطبراني ، رواه الطبراني من طريق عن المقري ، والحاكم من طريقين عن المقري ، الطبراني الذي قال في روايته : ( أربعين كبيرة ) ، شيخه أولًا : ليس من شيوخ الشيخين كما ذكرنا . ثانيا : لم نجد له ترجمة في كل ما عندنا من مصادر ، فهذا أقل ما يقال فيه : أنه مجهول عندنا ، اسمه هارون بن ملول ، في النسخة المطبوعة : البصري ، وفي ذهني قديم يقول : المصري لا سيما وشيخه كما ذكرت لكم آنفًا مصري أيضا .
المهم هذا الرجل : هارون بن ملول شيخ الطبراني الذي روى الحديث عن المقري ، هو الذي قال : ( أربعين كبيرة ) ، الحاكم الذي رواه بلفظ : ( أربعين مرة ) ، رواه عن شيخين ، _ ليس له بل هما من شيوخ شيوخه _ عن المقري ، بلفظ : ( أربعين مرة ) ، فصار عندنا روايتان : ( أربعين كبيرة ) تفرد بها هارون بن ملول البصري أو المصري ، ( أربعين مرة ) : شيخان من شيوخ الحديث روياه بهذا اللفظ .
لو كان هارون بن ملول معروف بالعدالة والثقة والضبط لقلنا : إنه شاذ ، لأنه خالف ثقتين ، والحديث الواحد إذا جاء على وجهين مختلفين لا بد حين ذلك من الترجيح ، وطريقة الترجيح أن يقال : إذا كان المخالِف ثقة ، والمخالَف أوثق أو أكثر ، قيل للرواية المخالِفَة : رواية شاذة ، وإذا كان المخالِف ضعيفًا أو مجهولًا قيل في روايته : إنها نكرة ، لأنها خالفت الرواية الصحيحة .
خلاصة القول بعد هذا البيان والتوضيح ، وقد يستفيده كثيرون منكم إن شاء الله : رواية : ( أربعين كبيرة ) : ضعيفة ، ورواية : ( أربعين مرة ) هي الرواية الصحيحة ، فليكن هذا منكم على بال ، وليسجل هذا من يهمه التسجيل على هامش الكتاب .