توضيح الشيخ لمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم من حيث النسيان ، وأنه يجب التوسط في ذلك بين غلو الغالين وجفو الجافين . حفظ
الشيخ : فإذن رسولُ الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ينسى بحكم كونه بشرا ، ولكن قبل كل شيء نسيانه ليس كنسياننا ، هذه حقيقة لا بد للمسلم مِن أن يدين الله بها ، نحن ننسى فنأثم ، أما هو فينسى ويؤجر ، لماذا ؟ لأنه كان يترتب من وراء نسيانه معرفة بعض الأحكام الشرعية كما في هذه الحوادث التي ذكرتها لكم آنفا .
الغرض أن الإنسان المسلم يجب أن يكون وسطا : (( وكذلك جعلناكم أمة وسطا )) ، لا يواري في رفع الرسول -عليه السلام- خلافًا لقوله : ( لا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله فيها ) ، ولا أيضًا يقول : يا أخي الرسول بشر مثل حكايتنا ، لا ، لا نقول : الرسول كما قال البوصيري وأمثاله :
" محمدٌ بشرٌ وليس كالبشر *** بل هو ياقوتةٌ والناسُ كالحجر "
هذا مبالغة ، كما بالغ في قوله :
" دع ما ادَّعته النصارى في نَبيِهِم *** واحكم بما شئت مدحًا فيه واحتكِمِ "
لا ، نحن وسط هكذا طبعنا ربنا بطابعه الكريم ، فلا نرفع الرسول -عليه السلام- فوق منزلته التي أنزله الله فيها ، ولا أيضًا نضعه في مقام عامة الناس ، الله اصطفاه بالنبوة والرسالة أولاً ، ثم اصطفاه بأن جعله سيد الأنبياء والرسل جميعاً .