عودة الشيخ للحديث حول بلاغات الإمام مالك رحمه الله ، مع ضرب مثالا من الأمثلة الصحيحة الموصولة خارج الموطأ . حفظ
الشيخ : إذن بلاغات مالك جُلها صحيحة ، والبقية وهي أربعة أحاديث وهذه منها لا يصح ، أما حديثنا هذا فهو صحيح ، أي هذا البلاغ هو من تلك الأحاديث التي وجدت مسندة وصحيحة خارج موطأ الإمام مالك .
هذا الحديث يقول : ( من عاد مريضًا لم يزل يخوض في الرحمة -في رحمة الله عز وجل- حتى يجلس ، فإذا جلس اغتمسَ فيها ) : هذا مبالغة لأنه إذا كان وهو يمشي يخوض في رحمة الله عز وجل ، فإذا جلس عند المريض ازدادت الرحمة حوله ، فانغمس فيها ، فالحديث صحَّ ليس برواية مالك بلاغا ، وإنما برواية الإمام أحمد ، الذي قال في رواته : أنهم رواة الصحيح ، مسندا عن جابر ، ومن النكت الطريفة الظريفة في كتب الحديث ، أن هناك بعض الأسانيد تروى من طريق الإمام أحمد ، عن الإمام الشافعي ، عن الإمام مالك : تسمى هذه الرواية بالسلسلة الذهبية ، لأنها مروية عن الأئمة المحدثين الفقهاء المجتهدين ، أحمد عن الشافعي ، الشافعي شيخ الإمام أحمد ، وأحمد تلميذه ، الشافعي عن مالك فمالك شيخ الشافعي ، والشافعي تلميذه ، فهي سلسلة ذهبية ، آخذ بعضها برقاب بعض ، لكن هذا عزيز من الحديث ، أي الأحاديث التي تروى بهذه الطريقة نادرة ، وليس طبعا هذا الحديث لأنه مقطوع بالنسبة لمالك ، ثم ذكر المصنف -رحمه الله- في هذا الحديث شاهدا لتقويته فقال : " ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة بنحوه ، ورواته ثقات " .
آخر هذا الفصل قوله تقوية لما سبق من الحديث قبله : " وعن كعب بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( من عاد مريضًا خاض في الرحمة ، فإذا جلس عنده استنقع فيها ) ، رواه أحمد بإسناد حسن ، والطبراني في الكبير ، والأوسط " . وفيما بعد رواية أخرى فيها ضعف . وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العلمين .