بيان المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَن يرد االله به خيراً يفقهه في الدين ) . حفظ
الشيخ : وإذا عرفتم هذه الحقيقة أوصلكم ذلك إلى أن تعرفوا خطأ كثيرٍ من الكتاب العصريين اليوم ، الذين لم يُؤتُوا الفقه الصحيح الذي أراده النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الحديث الصحيح المعروف بلفظ : ( مَن يرد االله به خيراً يفقهه في الدين ) ، الفقه في الدين : هو الفقه في كتاب الله وفي حديث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وليس الفقه هذا هو أن يتفقه رجل ما في مذهب من المذاهب ، لأن هذا المذهب فيه ما يوافق الكتاب والسنة ، وما لا يوافق ، كل مذهب من المذاهب المتبعة بما فيها الأربعة فضلاً عن غيرها : فيه ما يجب الأخذ به ، وما يجوز الأخذ به ، وما لا يجوز ، والحكَمُ في ذلك هو قوله تبارك وتعالى : (( فإن تنازعتم في شيء فروده إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسنُ تأويلاً )) ، هذا الفقه قليلٌ جداً جداً مع الأسف في العصر الحاضر أن يكون الكاتبون والمتكلمون فيه هم مِن الذين تفقهوا هذا الفقه الصحيح ، وإنما فقههم أشبه بعلم الكلام ، كيف أنَّ علم الكلام منحرف عن الكتاب والسنة ، كذلك الفقه التقليدي منحرف في كثير مِن جزئياته عن الكتاب والسنة .
غرضي أن أقول : نسمع اليوم كثيراً من الكتاب الذين تخرجوا من بعض الجامعات التي لا عهد لها أن تُدرِّس على طلابها فقه الكتاب والسنة ، وإنما تُدرِّس عليهم فقه مذهب من المذاهب ، وقد تعلوا بعضها فتدرّس على طلابها ما يسمى اليوم بالفقه المقارَن .
والفقه المقارَن حقيقة اليوم هو مضيعة ، يضيع طالب العلم بين تلك الأقوال الكثيرة والمتعارضة تعارضاً شديداً جداً ، فيخرج وقد حصَّل شهادة الدكتوراه زعموا ، وهو حيران في كثير مِن تلك المسائل الشرعية ، التي تلقاها عن بعض شيوخه ، وتكون نتيجة هذه الحَيرة أن يأخذ منها ، أن يأخذ مِن تلك الأقوال المتعارضة ما يناسب الهوى .