بيان الشيخ لأهمية التصفية والتربية لإصلاح المجتمع الإسلامي . حفظ
الشيخ : إذن أين المصفون اليوم الذين يريدون أن يقدموا العلاج ليعود المجتمع الإسلامي المصفى وما نحتاج حينئذ لنجتهد ونعرف أن هذا مجتمعنا هو إسلامي محض ولا مشوب بكفر وبشرك وو إلى آخره لكن ليس المقصود بكلمتي هنا هو التصفية المقصود التربية التي أنت تدندن حولها في سؤالك المذكور آنفا أنا بقول الآن هنا المشكلة في هذا الزمان لا شك ولا ريب أن هناك صحوة وأنا من أعرف الناس بها وألمسها لمس اليد تماما لكن لا يوجد هناك تربية إطلاقا لأننا نجد هؤلاء الذين صحوا معنا لكنهم هم كما كان آباؤهم وأجدادهم من قبل لا يعرفون التربية الإسلامية التي يجب أن يكونوا عليها من التمسك بالأخلاق التي كان عليها الرسول عليه السلام وكان عليها المسلمون وإذا ما هم عادوا كذلك حق لهم جواب الشرط في مثل قوله تبارك وتعالى : (( إن تنصروا الله ينصركم )) مما لا شك فيه أن الإسلام ليس علما فقط وليس عقيدة فقط بل قال تعالى في القرآن الكريم : (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله )) إلى آخر الآية إذن لا بد من قرن العمل مع العلم هذا العمل هو التربية التي نحن ننشدها الآن ولا نجد هناك مربيا ذلك لأننا الآن في أول طريق التصفية وأنا في اعتقادي أنه سيمضي علينا زمن ونحن نراوح في مكان التصفية ولا بد من أن يمضي علينا زمن قد يطول وقد يقصر الأمر كله بيد الله عز وجل حتى نجد فينا ناسا من أهل العلم المصفى صفت نفوسهم وتطهرت من شرك الدنيا وحطامها وأقبلوا على الله عز وجل بقلوبهم وتوجهوا للقيام بإرشاد الأمة وبنصحها وبتربيتها أنا لا أعتقد اليوم يوجد من ذاك النموذج الذي ألمحت إليه في كلام الشيخ ابن تيمية رحمه الله ولئن وجد فقطرة من بحر لا يؤثر أنا أعتقد بالنسبة للتصفية هذه لا يوجد من يقوم بالواجب كاملا لقلتهم أما المرشدون الذين هم قد صفت علومهم وقلوبهم في آن واحد فهذا مع الأسف أندر كما كانوا يقولون قديما من الكبريت الأحمر
وباختصار أقول : تسامحا مع التعبير كيف نوجد أو كيف نصنع ما يكون ذلك إلا بأن نربي قبل كل شيء أنفسنا على العلم الصحيح والأخلاق الإسلامية الصحيحة وكما قال تعالى في القرآن الكريم : (( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )) فيوم يوجد مثل هؤلاء العلماء الذين جمعوا بين التصفية والتربية وكانوا بحيث يؤثرون في هذا المجتمع الإسلامي فيومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله
طبعا أنا حينما أقول المجتمع الإسلامي لا أزال في ذهني أن أولئك الذين لا يطيعون لا نقيم لهم وزنا ولا نعمل لهم حسابا إنما نحن نتكلم في الصالحين الذين هم بحاجة إلى إصلاح المصلحين وهذا يختلف باختلاف البلاد الإسلامية
وأخيرا لا أتصور أن الإصلاح المنشود والتقويم المقصود سوف لا نتصور أن يشمل الملايين المملينة والمبعثرين في الأرض الإسلامية الواسعة وإنما نحن نسعى لتحقيق الطائفة التي أخبر الرسول عليه السلام عنها في كثير من الأحاديث الصحيحة : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) أنا في اعتقادي هذه الطائفة هي الآن مبعثرة وفي بعض البلاد الإسلامية هؤلاء لا يصنعون شيئا مما يتعلق بالتربية وإنما قد يصنعون شيئا كثيرا مما يتعلق بالتصفية وحينما يتكاثر هؤلاء حينئذ يجب أن ينقسم هؤلاء إلى قسمين قسم يتفرد بالانشغال في الاستمرار بالتصفية وقسم بالتربية أعني باختصار الآن ينبغي أن يكون عندنا من المرشدين والوعاظ مثل ما كان في قديم الزمان ابن الجوزي مثلا الذي كان يأخذ بمجامع قلوب الحاضرين حتى ليتأثر منه بعض المشركين والكافرين من اليهود والنصارى الذين كانوا يجذبون بعذوبة كلامه لأن الكلام كما تعلمون إذا خرج من القلب دخل في القلب وإذا خرج من الفم لم يجاوز الآذان وابن الجوزي من الوعاظ الذين يضرب بهم المثل وكان على علم بالكتاب والسنة وبخاصة السنة التي يعني صفى منها الشيء الكثير في بعض كتبه المؤلفة كالموضوعات والعلل المتناهيات ونحو ذلك
فأنا لا أعتقد الآن يوجد لدينا من هذا النمط لكن لا بد أن يوجد وذلك بالاستمرار بالتصفية والتربية وعسى الله عز وجل أن يكون ذلك قريبا .