ذكر الشيخ لبعض الأسباب الشرعية لجلب الرزق . حفظ
الشيخ : القصة الأخرى تلتقي مع هذه من حيث أن الله عز وجل يسخر السماء والأرض للمتقين الأبرار يقول عليه الصلاة والسلام والحديث في * صحيح مسلم * ( بينما رجل ممن قبلكم يمشي في فلاة من الأرض إذ سمع صوتا من السماء يخاطب السحاب اسق أرض فلان فسار الرجل في الأرض يمشي مع السحاب الذي في السماء إلى أن وصل إلى حديقة وإذا بالسحاب يفرغ مخزونه من الماء عليها فأطل الرجل فوجد صاحبها يعمل في أرضها سلم عليه باسمه الذي سمعه من السحاب عجب المسلّم عليه لأنه رأى آثار الغربة من المسلِّم سأله أنت من أين ؟ قال له : والله أنا عابر سبيل . قال له : ما أدراك بأني أنا فلان فذكر له الآية والمعجزة فبم ذاك ) هنا الشاهد قال : شأن الأبرار الأتقياء المتواضعين الذين لا يتألون على رب العالمين يقول : ( والله لا أدري أنا عندي هذه الأرض أزرعها وأخدمها فإذا ما أثمرت وأنتجت جعلتها ثلاثة أقسام : قسم أعيده إلى الأرض وقسم أنفقه على نفسي وأهلي وقسم ثالث أتصدق فيه على الفقراء والمساكين قال له الرجل : هو هذا ) انتهى الحديث الآن القصتان تفسران (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) هذا هو الجواب الإجمالي علينا نحن ألا نعالج أمورنا الدنيوية بالموازين الشركية الكفرية الذين لا يؤمنون بالأسباب المعنوية أو الروحية كما يقولون في هذا الزمان
الكفار كما تعلمون كل شيء عندهم المادة ولا شيء وراء المادة أما المسلمون فبالرغم أنهم يؤمنون بسنة الله عز وجل الذي ربى المسلمين عليها فقال لهم مثلا : (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله )) بالإضافة إلى ذلك وسع لهم دائرة الأسباب بطريق غير مادي إنما هو بعبارة أخرى بطريق إطاعة الله عز وجل والتعبد له بكل ما أمر به فيكون هذه الطاعة من الأسباب التي توسع على الإنسان رزقه أكثر مما يسعى إليه بالأسباب المادية ويحضرنا في مثل هذه المناسبة حديثان صحيحان أحدهما مما أخرجه الشيخان في * صحيحيهما * من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أحب أن ينسأ له في أجله من أحب أن ينسأ له في أجله ويوسع له في رزقه فليصل رحمه ) المسلمون اليوم فضلا عن الكفار أكثرهم لا يعلمون أن صلة الرحم هي من أسباب التوسعة في الرزق ومن أسباب إطالة العمر كل ما يعمونه أن هناك أسبابا مادية ... ولا شك أن الأوربيين نجحوا نجاحا باهرا في اكتشاف هذه الأسباب وفي اتخاذها وتنظيمها بحيث أنكم تقرؤون في الجرائد والمجلات العلمية أنهم مثلا في الإقليم الفلاني أو الدولة الفلانية في ظرف سنين معدودة استطاعوا أنه يقللوا الوفيات بالسبب الفلاني أو موت الأطفال بالسبب الفلاني إلى آخره لماذا ؟ لأنهم أخذوا بالأسباب التي شرعها الله عز وجل أسباب كونية طبيعية لكنهم يجهلون ويشاركهم في هذا الجهل كثير من المسلمين حيث يظنون أن الأجل مقطوع وهذا صحيح لكن يظنون أن الأجل المقطوع ليس له أسباب كما أنهم يظنون أن السعادة والشقاء مقطوعة وهذا أيضا صحيح لكنهم يظنون ويتوهمون أيضا بأن السعادة والشقاوة ليس لها أسباب شرعية وهذا من الأوهام التي شاعت في المسلمين
فأنا لا أفرق أبدا بين الرزق وبين السعادة والشقاوة وأنتم تعلمون من الأحاديث الصحيحة أن الجنين إذا مر عليه أربعة أشهر أمر الله عز وجل الملك الموكل به بأن ينفخ فيه الروح وأن يكتب هل يسأل سعيد أم شقي ؟ رزقه أجله كل هذا يكتب وهو جنين في بطن أمه وكما يقول العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله : " هذه ليست الكتابة الأولى " كتب هذا في اللوح المحفوظ قديما لكنه تقرير وتأكيد للكتابة السابقة فسواء علينا تكلمنا على الكتابة السابقة أو هذه الكتابة اللاحقة هل رب العالمين عز وجل فرض فرضا وأجبر الإنسان على السعادة جبرا وكذلك الشقاوة كذلك الرزق كذلك العمر ؟
الجواب لا كل شيء بسبب كل شيء عند الله عز وجل بسبب لذلك قال تعالى في القرآن الكريم : (( فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى )) كل ما في الأمر أن الله عز وجل الذي قال بحق : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) فهو قد علم ما سيتجه كل المكلفين من إنس أو جن إلى الاستجابة لدعوة الله عز وجل أو إلى معاكستها ومخالفتها فكتب من سبق بعلمه أنه سيسعى إلى الخير فييسر له سبيل الخير كتبه سعيدا والعكس بالعكس من علم بأنه سيسعى إلى الكفر وإلى الفسق والشر كتبه شقيا كذلك الأمر فيما يتعلق بطول العمر وبالرزق لكل شيء سبب
ولكنني أردت أن ألفت النظر إلى أن هناك أسبابا شرعية فهي أسباب إضافية على الأسباب الكونية وعلينا نحن معشر المسلمين أن نعرف ديننا وأن نعبد ربنا بما تعبدنا به من الأسباب سواء كانت كونية أو كانت شرعية
أنا في ظني أن تلك الأسئلة التي جاءت لم يراع فيها شيء من هذا البيان والتفصيل وفي ظني في ظني أن هذا الجواب الذي وصفته بأنه سيكون مجملا وهو فعلا مجمل وإن كان فيه تفصيل يتناسب مع الإجمال الذي ادعيته لكن أنا أريد الآن أن أناقش مفردات أسئلتك لأطبق عليها هذا المنهج الشرعي السليم فهات السؤال الأول ماذا كان ؟