ذكر الشيخ وجه التوفيق بين حديث النهي عن المشي بين القبور بالنعال وما صح في البخاري من حديث أنس وفيه : ( إذا انصرف الناس من دفن الميت وإنه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون ) ؟ حفظ
الشيخ : يقولون ولعل الأصح أن نقول نحن يزعمون بأن هذا الحديث يعارضه ما هو أصح منه وهذا صحيح أي أنه أصح ولكن لا تعارض ما هو هذا الحديث الأصح الذي يزعم بعضهم أنه يعارض ذاك الحديث الصحيح هو حديث أنس بن مالك في * صحيح البخاري * الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا انصرف الناس من دفن الميت وإنه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون ) إذن هذا الحديث فيه بيان أن الناس حينما يدفنون أمواتهم ويأتون المقابر في نعالهم بدليل أنهم حينما ينصرفون إن ذاك الميت الذي دفنوه آنفا يسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون وجوابنا على هذا الزعم أن هذا الحديث لا شك كما قلنا آنفا إنه صحيح بل أصح من حديث السبتيتين ولكن لا تعارض بينهما إطلاقاً لا يجوز أن نضرب بالأصح الصحيح
الطالب : السلام عليكم
الشيخ : - وعليكم السلام ورحمة الله - لا يجوز أن نضرب الحديث الصحيح بالأصح ونقول لا نقيم وزنا لهذا الحديث الصحيح لأنه عارض الحديث الأصح هذا خطأ يكفي أن كلاً من الحديثين المتعارضين داخلان في قسم الحديث المقبول ومن أقسام الحديث المقبول الحديث الحسن ولو لغيره وحينئذ فلا ينبغي لطالب العلم أنه إذا رأى حديثاً في * صحيح البخاري * مثلا يعارض حديثاً في * المسند * أو في سنن من السنن المعروفة يقول هذا أصح من هذا ونأخذ بالأصح ونستريح من الصحيح هذا جهل وإنما إذا كان كلاهما داخل في قسم المقبول فحينذاك يجب التوفيق بين الحديثين بوجه من وجوه التوفيق الكثيرة وكما قلت آنفاً لست الآن بصدد ذكر ولو لبعض هذه الوجوه لكن لا بد من بيان أنه لا تعارض هنا بين هذين الحديثين حديث السبتيتين وحديث ( وإنه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون ) أول ذلك أن حديث السبتيتين تشريع حيث قال : ( اخلع نعليك ) أمرٌ وأقل ما يفيد هذا الأمر الاستحباب أما الحديث الثاني الأصح حديث أنس ليس تشريعاً وإنما هو إخبار وليس كل ما يخبر عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعني أنه أمر جائز فضلاً عن أنه يعني أنه مستحب أو أكثر من ذلك لا مجرد خبر حينئذٍ هذا الذي أخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام يجب أن يوزن بالأدلة الشرعية الأخرى وينظر إلى هذا المخبر عنه بالخبر الصادر منه صلى الله عليه وآله وسلم بالأدلة الشرعية فإن اقتضت الأدلة الشرعية أن هذا المخبر عنه جائز قلنا بجوازه أو إنه مكروه قلنا بكراهته أو إنه محرم قلنا بتحريمه أما مجرد أنه أخبر فهذا لا يعطينا حكما لأنه خبر.