كيف نوفق بين ما ورد من الأحاديث التي أجازت التطوع في السفر وبين حديث ابن عمر : ( صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره يسبح في السفر )؟ حفظ
السائل : شخنا حفظكم الله وردت نصوص في التطوع في السفر شيخنا وثبت عن ابن عمر قوله : ( صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره يسبح في السفر ) وقال الله جل ذكره : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) يعني ما توجيهكم في قول ابن عمر ؟
الشيخ : قول ابن عمر صحيح رواية ودراية وليس هو ممن انفرد في هذه الرواية ولكن ينبغي أن نلاحظ هنا شيئا وهو أنه إذا أراد الباحث الفقيه أن يتبنى رأيا في مسألة ما لا ينبغي له أن يبنيه على نص ولو كان ظاهرَ الدلالة للنص العام أو المطلق مثلاً بل ولو كان هذا النص ... صريح الدلالة لأنه يمكن لكل هذه الأحوال الثلاثة من العام والمطلق و... النص الصريح أن يكون العام قد دخله تخصيص أو المطلق قد دخله قيد أو النص أن يكون طرأ عليه نسخ فلذلك لا بد في مثل هذه للباحث أن يجمع أطراف الأحاديث والروايات الواردة في المسألة حتى تكون حصيلتها ثابتة لا يمكن أن يورد عليها شبهة بمثل أن يقال : أنت أخذت النص العام وهو مقيد مخصص أو أخذت النص المطلق وهو مقيد أو أخذت بالنص الصريح وهو منسوخ .
على ضوء هذا نستطيع الآن أن نتفقه في رواية ابن عمر هذه ، هناك بلا شك قسمان من التطوع نهاري وليلي فأول ما يمكن أن يخصص حديث ابن عمر هذا بأن يستثنى منه قيام الليل الذي يختتمه القائم بركعة الوتر وهذا أمر ثابت في عديد من الأحاديث النبوية وما يتعلق بالتطوع النهاري فقد ثبت في الحديث الصحيح أو لعلي أقصد قبل أن أقول ما ثبت بالتطوع النهاري السنن الراتبة فبالإضافة إلى ما جاء في السؤال في حديث ابن عمر وأضفنا إليه أن هذا ثابت عن غيره أيضا فقد ثبت ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يدع ركعتي الفجر لا حضراً ولا سفراً ) كذلك الوتر كما أشرنا إليه آنفاً .
ثم يأتي تقسيم آخر وهو وهو أن هناك نفلاً مقيداً ونفلاً مطلقا فالمنفي في حديث ابن عمر وغيره إنما هو النفل المقيد أي السنن الرواتب . غير السنن الرواتب إذا بدا لإنسان ما أن يتنفل تنفلاً مطلقاً فله ذلك أو إذا جاءت مناسبة للإتيان بنفل مقيد بمناسبة ما وليس من السنن الرواتب ونحو ذلك كالذي مثلاً يتوضأ فله أن يصلي ركعتين أو الذي يدخل المسجد فله أن يصلي ركعتين ونحو ذلك مما يدخل في ذوات الأسباب هذا ما يمكن الجواب عن هذا السؤال .
السائل : الله يجزيك الخير .