هل يجوز العمل في الدعوة من خلال منظمة مرخصة رسمياً من الحكومة أو البلد التي يعيش فيها الإنسان سواء كان هذا البلد مسلم أم كافر ؟ حفظ
السائل : شيخنا بالنسبة للسؤال الذي جاء من مصر أن العمل يجوز أو الدعوة من خلال منظمة مرخصة رسمياً من الحكومة أو البلد التي يعيش فيها الإنسان سواء كان هذا البلد مسلم أو كافر ؟
الشيخ : قلت وأقول : في مثل هذا العمل بمثل هذا التنظيم إذا تعرى عن أن يقع العامل فيه في مخالفة للشريعة فليس فيه أي شيء إطلاقاً ، وأنا أتعجب من توجيه مثل هذه الأسئلة ، وأظن أنها صادرة من شخص نُقلت إليه وليست نابعة من نفسه كمثل ما فعل صاحبنا هذا في الأسئلة التي ألقاها آنفاً ، كلها ليست من كيسه ، وإنما هو من كيس غيره ، فيريد أن يعرف الجواب عليها ، فأنا أقول : إذا كان هناك جماعة منظمة سواء كان هذا التنظيم كما جاء في السؤال في دولة إسلامية أو على الأقل في شعب مسلم أو كان في دولة غير مسلمة : إذا كان عمله في هذا التنظيم لا يحمله على أن يخالف الشريعة في بعض ما هو يقوم به فلا شيء في مثل هذا العمل، بل نحن نقول : الأصل فيه الإباحة أولاً.
وثانياً: كما قلنا بمناسبة مضت : " إذا هبت رياحك فاغتنمها " ، إذا كان الكفار مثلاً في بعض بلاد أوروبا بعضهم لا يسمحون بنشاط دعوي إسلامي كما كان السوفيات وربما لا يزالون حتى اليوم ولو بعد أن بدأ الهزال والمرض والتفكك يتسرب إليها ، فهم كانوا يحاربون الأديان كلها وبخاصة دين الإسلام ، لكن في بلاد أوروبية أخرى يسمحون بالدعوة إلى الإسلام وبناء المساجد والمدراس ونحو ذلك ، فهنا نحن نقول : ما المانع من العمل في هذه الدولة لصالح الإسلام ولصالح دعوة الإسلام ؟ !
لا شيء في هذا إطلاقاً إلا على رأي جماعة التكفير الذين يقولون : الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله هو كافر ، والموظفون الذين تحت حكمه هم مثله كفار ، حتى أئمة المساجد وخطباء المساجد ومعلمي التربية الإسلامية في المدراس كل هؤلاء يلحقونهم بالحاكم الذي حكموا عليه بأنه كافر.
هذا يذكرنا بنكتة ألبانية كنت سمعتها وأنا صغير من والدي -رحمه الله- ، أي هذا التسلسل ذكرني بالقصة التالية وهي :
رجل عالم فاضل زار صديقاً له في بيته وجلس ما جلس لديه ثم انصرف أو استأذن بالخروج ، فلما خرج حكم على صاحبه بالكفر لماذا؟
عندنا في بلادنا -وربما تكون هذه في بعض البلاد الأخرى- من إكرام الشيخ الجليل إن هو دخل نزع نعله فهو لما بدو يلفه حتى يلبس النعل ، لا ، نحن نوجه له النعل طاول وهو بلاقيه موجه وبدكه وبيمشي ، هذا الضيف أو المضيف عفواً ما هيأ النعل للشيخ تركه كما خلعه ، هذا معناه ما أكرم الشيخ فحكم عليه بالكفر ، قال : هو كافر ، لأنه ما أكرم العالم ، والذي لا يكرم العالم ما بيكون أكرم العلم ، والذي ما بيكون أكرم العلم ما بيكون أكرم من جاء بالعلم وهو محمد عليه السلام، ومن لا يُكرم محمدًا عليه السلام ما بيكون أكرم الله رب العالمين الذي أوحى إليه بالعلم، فإذن النتيجة يساوي فلان كافر .
وهدول جماعة التكفير : الحاكم كافر ، والمحكومين الذين في دوائره كمان كفار، ولما كانوا أئمة المساجد ومؤذني المساجد كمان موظفين لو في دار الأوقاف لأنها دائرة من دوائر الدولة إذن هؤلاء كلهم كفار ، هذا التسلسل لا يساعد عليه لا عقل ولا شرع.