ما رأيكم في من جعل مسألة الحكم والحكام أهم مسألة في الدين والعقيدة ؟ حفظ
الطالب : شيخنا ما رأيكم في مَن جعل مسألة الحكم والحكام أهم مسألة في الدين والعقيدة ؟
الشيخ : هذا في الحقيقة يذكرني بقول من قال :
" فحسبكمُ هذا التفاوت بيننا *** فكل إناء بما فيه ينضح " .
هذا هو الفرق بين أهل السنة حقاً وبين بعض الدعاة في العصر الحاضر ، لقد شغلوا أنفسهم بالحكام ونسوا المحكومين ، فهم يرون الشرك يعمل عمله في عُقر دورهم وبين أتباعهم وأنصارهم ثم لا يدندنون حول ذلك ببيان الحكم الشرعي وأعني بذلك : التوحيد بأنواعه الثلاثة خاصة توحيد العبادة أو الألوهية أو توحيد الأسماء والصفات ، فهذا حكم يجهله عامة المسلمين ، ومن آثارها الشركيات الضاربة أطنابها بين جماهير المسلمين منها العمل ومنها القول ، فما أكثر ما تسمع بين الناس حتى الصالحين والمتعلمين لا يطوفون بين القبور ولا ينذرون لغير الله ولا يذبحون بيحلف برأس أبوه بيحلف بابنه إلى آخره ، والناس الذين يحاربون الحكام وبكفروهم صم بكم عُمي فهم لا يفقهون ، كأن ما عاد يهمهم من المسلمين إلا الحكام وهم غير واصلين إلى إرشادهم ولا إلى هدايتهم ، بينما الذين يرجى أن يهتدوا إلى الحق لأن ما في عندهم هالعناد والاستكبار وهم جمهور المسلمين هم لا يعنون بتثقيفهم وبهدايتهم ، لذلك نحن نعتقد أن اهتمام هؤلاء الشباب بما أطلق اليوم بالحاكمية لله عز وجل فهذه كلمة حق لكن يراد بها باطل ، يراد بها فقط حصر التوحيد بمحاربة هؤلاء الحكام وهدر التوحيد الذي ينفع جميع الأنام فهم لا يهتمون به ، هذا أقل ما يقال لا يهتمون به عملياً ، وقد لا يهتمون به فكرياً أيضاً ، وهذا نشاهده بين هؤلاء المدعين .
وأنا بمثل هذه المناسبة أذكر ما وقع لي في دمشق ذات يوم صلينا في مسجد فخطب شابٌ متحمس جداً من هالجماعة ، وكانت خطبته كلها : الحاكمية لله ، فبعد ما انتهى من الصلاة تقدمت إليه ولفت نظره إلى مخالفته للسنة في بعض ما فعل ، فأجابني على الفور أنا حنفي ، قلت : والخطبة التي خطبتها الحاكمية لله وينها بس بالنسبة للحكام ؟!
هذا واقع هؤلاء الجماعة ، لذلك فهم ابتدعوا هذه التسمية وإن كنا نحن لا ننكر أن الحكم لله عز وجل ، وقد سُئلت قريباً من نحو أسبوع من أحد إخواننا في الكويت يقول : بأن فلاناً ألّف رسالة بأن الحاكمية لله ، فما رأيك فيها ؟
قلت : والله أنا ما اطلعت عليها لكني أقول كلمة جامعة :
إن كان الرجل لا يريد من هذا الإطلاق ومن رسالته أكثر مما هو معروف عند المسلمين أن الحكم لله فقط فنحن لا نخالفه في هذا ، أما إن كان يريد بُعدًا أكثر من ذلك فهنا ينشأ الخلاف بيننا وبينه.
فالشاهد أن واقعهم يدل على أنهم لا يعنون فقط هداية الناس كافة إلى أن يحكموا شريعة الإسلام سواء كانوا حكاماً أو كانوا محكومين.
وأنا أقول بهذه المناسبة : الحكام قسمان وهم يعنون بقسم واحد وهو الأقل ، المفروض أن العالم الإسلامي كله يكون حاكمه هو الخليفة ، واحد ، في الواقع اليوم مع الأسف أن المسلمين انقسموا إلى دول عشرين أو ثلاثين أو أكثر من ذلك ، فنحن عندنا ثلاثين حاكماً فنحن ندندن حول هؤلاء الثلاثين فقط : (( إن الحكم إلا لله )) ، لكن في عندنا حكام ، كل واحد في بيته حاكم كما قال عليه السلام : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) هذا الموضوع مطوي تماماً ، ولذلك تدخل بيوت المسلمين ولا تجد فيها حكم رب العالمين قائماً ، من المسؤول عن الحكم في الدار هو هذا الحاكم الذي نصبوا عداءه وتكفيره بحق أو بباطل ؟!
المسؤول هو هذا الراعي راعي البيت ، لكن هو مو بهذا الوادي ، قد يلقي الخطب الطنانة الرنانة في محاربة هؤلاء الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله ثم ينسى نفسه وذويه ، شو الآية التي بتقول :وتنسون أنفسكم !
الطالب : (( أتأمرون الناس بالبر )) .
الشيخ : (( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون )) هؤلاء هم الجهال بعينهم .