توضيح مسألة تقليد العامة للعلماء ومعرفة حقيقة العالم . حفظ
الشيخ : وأنت حضرت لآخر البحث، وأنت تقول: كيف يستطيع أن يميز؟، سبحان الله ! قلنا إن القرآن جعل المجتمع قسمين: عالم وجاهل ، الجاهل كيف يميز الحكم الشرعي من المخالف للحكم الشرعي؟ كيف يميز ؟
أعطني جواباً على هذا السؤال فهو جواب لسؤالك !
السائل : لسؤالي ؟
الشيخ : نعم.
السائل : ...
الشيخ : اسمح لي، قلنا: إن القرآن الكريم قسم المجتمع إلى قسمين : عالم وجاهل ، الجاهل كيف يميز أن المسألة الفلانية طبق الشريعة الإسلامية أو مخالف لها ؟
السائل : يسأل العالم.
الشيخ : طيب هذا هو الجواب الذي سألت عنه.
السائل : بس هذا عالم، هو ما يحتاج.
الشيخ : هو في معنى الأول، الجواب عن سؤالك بجوابك عن سؤالي، كيف يعلم هذا الجاهل أن هذا عالم بالمذهب ؟ كيف يعلم ؟
السائل : هو هو جوابي.
الشيخ : قل: هو هو جوابك ، يا أخي هذا شي! راح يصير معنا تشكيك في البدهيات.
السائل : ...
الشيخ : يعني ولا مؤاخذة أنت الآن سؤالك كما فهمت وقد أكون واهماً : كالذي يقول : الذي يعيش في الصحراء كيف يعرف أن هذه المسألة الجواب فيها كذا وكذا ، هل من سبيل أن يعرف ؟
الجواب ، لا ، أليس كذلك ؟
السائل : بلى.
الشيخ : طيب فأنت تصور لي رجلاً عاش في جو مذهبي، وما طرق سمعه مطلقاً دعوة سلفية، ولا أن هناك دعوة تقول عليكم بالكتاب والسنة وهو الأصل، والتقليد كما يقول الإمام الشافعي في القياس : " ضرورة لا تجوز إلا كما يجوز أكل لحم الميتة والخنزير " ، تصور لي شخصاً ما طرق سمعه كل هذا العلم، فماذا تقول أني قائل لك أنا ؟
إن كان ما بلغه شيء عن الدعوة السلفية هل سأقول له : اركب جهلك واترك ذاك العالم الذي يُسمى عالماً ولو مجازاً كما صرح بعض الدكاترة مُرغماً ، هل أقول له: اركب جهلك أم اسأل من هو أعلم منك؟ أليس كذلك ؟
السائل : بلى.
الشيخ : بس أنت ليش تبعد عن البحث الذي نحن في صدده ، نحن حينما نقول : لا يجوز لمسلم أن يخالف ما بقول الآن الكتاب والسنة ، أن يخالف العالم متى أقول هذا الكلام ؟ إذا عرف ماذا قال العالم ، صحيح ؟
لكن إذا كان ما عرف فهذا الكلام لا يقال فيه ذاك ، لأن الحجة كما تعلم يا أخي ويعلم الجميع إنما تقوم بعد تبليغ ، صحيح ؟
السائل : نعم
الشيخ : فالذي أستغربه أنك الآن -من هالجو الذي نحياه الآن- تستخرج إنسان من المجتمع المذهبي الذي ما سمع ولا كلمة حول الكتاب والسنة والدعوة السلفية فتقول لي ماذا يفعل ؟
أنا أقول لك: الذي بتعرف أنت يفعله هو أنا بكون معك هو الذي يفعله لكن البحث هاهنا يا أخي ؟
ليس البحث هاهنا ، البحث : هل نرضى بهذا الواقع ، هل نرضى أن يصبح المسلمون بعد أربعة عشر قرناً الكتاب والسنة في جانب والتقليد هو الحاكم المتسلط على الناس، حتى هؤلاء العلماء أنفسهم إذا سألتهم صف لي صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يقول لك : أنا ما بعرف ، بعرف صفة صلاة الشافعي ، وذاك يقول لك الحنفي ، وأنا أعرف بعض المشايخ الأحناف الذين رأيتهم وتلقيت طرف من العلم التقليدي منهم كان يقف في الصلاة هكذا ، يعني معتمد على رجل والرجل الأخرى رخوة وتارة يعمل هكذا ، قلت له لماذا هذا ؟
قال أبو حيفة هكذا كان يصلي.
طبعاً أنا الجواب هذا يعطيني قضيتين إحداهما سلبية والأخرى إجابية : أن هذا الرجل يقتدي بالإمام أبي حنيفة لدرجة تقليده في صلاته ، هيك كان يصلي أنا بدي أصلي هيك ، وقلت له دخلك نبيك عليه السلام كيف كان يصلي ؟
ما بيعرف ، هذا العالم فهل نحن نرضى بهذا الواقع ؟
الجواب: بعتقد ما فينا هنا واحد ومعنا جماهير غفيرة خارج المسجد أن يرضى ببقاء علماء المسلمين بعيدين عن دراسة الكتاب والسنة هذا البعد الذي هم واقعون فيه والذي اعترف به كبيرهم فقال: " لا يوجد علماء اليوم إلا مجازاً " ، هذا الذي نحن ندعيه ، نحن ما نتكلم الآن بالنسبة للعامة وهم يعيشون في أحضان الجهال يعني : العلماء مجازاً ، ما نتكلم عن هؤلاء ، هؤلاء معذورون ، لكن هؤلاء إذا بلغتهم الدعوة في جانب أو في مسألة واحدة ما الذي يجب أن يكون عليه هؤلاء العامة ؟
نقول كما قال هذا الكاتب : ندعهم لأن دعوتهم إلى الكتاب والسنة إضلال لهم ؟!
الآن أنا جئت بهذا الكتاب لأسمعكم رأياً لرجل ليس سلفياً بل هو ضد إمام من أئمة السلفيين وهو ابن تيمية، هذا الذي سأسمعكم قوله هو ضد ابن تيمية في كثير من أفكاره وآراءه، وهو يتحدث ليس عن العلماء، لأني سأنقل لكم كلام بعض العلماء فيما يتعلق بالفقهاء أو طلبة العلم، وقول لبعض آخر في العامي يبلغه الحديث ماذا يعمل ؟
قبل كل شيء ، من الأشياء العجيبة والطريفة أن يقول في الصوفيين : ناس فهموا هذه الحقيقة بينما لم يفهمها من كان أحقَّ بها وأهلَها.
يقول الشعراني في كتاب *الميزان* : " وإن قلتَ فما أصنع بالأحاديث التي صحت بعد موت إمامه ولم يأخذ بها؟ فالجواب : الذي ينبغي لك أن تعمل بها فإن إمامك لو ظفر بها وصحت عنده لربما كان أمرك بها، فإن الأئمة كلهم أسرى في يد الشريعة، ومن فعل ذلك فقد حاز الخير بكلتا يديه ، ومن قال لا أعمل بحديث إلا إن أخذ به إمامي " : من يقول بهذا الكلام ؟ عامة المقلدين اليوم وكُتّابهم ودكاترتهم يقولون هكذا، قال : " ومن قال لا أعمل بحديث إلا إن أخذ به إمامي فاته خير كثير كما عليه كثير من المقلدين " ، هذا كلام قبل تقريباً مئة وخمسين سنة ، وهذا واقع المسلمين اليوم.
" فاته خير كثير كما عليه كثير من المقلدين لأئمة المذاهب ، وكان الأولى لهم العمل بكل حديث صح بعد إمامهم تنفيذاً لوصية الإئمة ، فإن اعتقادنا فيهم أنهم لو عاشوا وظفروا بتلك الأحاديث التي صحت بعدهم لأخذوا بها وعملوا بما فيها وتركوا كل قياس كانوا قاسوه وكل قول كانوا قالوه " ، هذا قول الشعراني.