هل يمكن القول بأن الحاكم الذي لا يقيم الحدود واقع بالكفر البواح الذي يحل للمسلم الخروج عليه ؟ حفظ
السائل : أخونا يسأل: هل يمكن القول بأن الحاكم الذي لا يقيم الحدود واقع بالكفر البواح الذي يُحل للمسلم الخروج عليه ؟
الشيخ : هذا الجواب أجبنا عنه مراراً وتكراراً وهناك أشرطة كثيرة، ولذلك لا نطيل القول فيها إنما بإيجاز :
هنا أمران اثنان : الأمر الأول: لا يجوز تكفير الحاكم المسلم بسبب ابتلائه بعدم الحكم بما أنزل الله، وأن نعتبر فعله كفراً بواحاً لا، وإنما يعتبر كفراً بواحاً إذا صدر منه قول أو فعل لا سبيل إلى تأويله إلا بالكفر البواح، هذا الجواب بالنسبة للشق الأول من السؤال.
أما الشق الثاني : هل يجوز الخروج عليه ؟ نحن نقول : الخروج منصوص عليه في الحديث الصحيح أنه لا يجوز إلا أن نرى كفراً بواحاً ، لكن هذا الخروج كثير من الناس لا يفهمونه، لأنهم لا ينظرون إلى الحكم الشرعي إلا من زاويته الخاصة به، ولا ينظرون من زوايا أخرى هي معتبرة شرعاً، مثلاً نحن نعلم أن من القواعد الشرعية قوله تعالى : (( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )) يترتب على هذه القاعدة يتفرع منها المئات بل الألوف من المسائل الشرعية، خلينا نضرب مثل عامري : رجل مريض أو عاجز لا يستطيع أن يصلي قائماً ومعلوم لدى جميع المصلين أن القيام في الفرض ركن من أركان الصلاة، إذا صلى الفرض قاعداً وهو مستطيع القيام صلاته باطلة، لكنه إذا كان لا يستطيع القيام فصلاته صحيحة، لذلك قال عليه السلام : ( صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب ) كل الأحكام تساق هذا المساق، فالآن كان السؤال أنه هل يجوز الخروج عليه ؟
قلنا: يجوز الخروج على من كان كفره صريحاً هذا هو الأصل، لكن هل كل شعب يستطيع الخروج على الحاكم الذي ظهر منه الكفر البواح ؟ الجواب: لا ، إذن نفس قضية الخروج على الحاكم الذي يجوز الخروج عليه شرعاً ونصاً منوط ومربوط بالاستطاعة، وأكبر مثال ما وقع في كثير من الأزمنة القريبة والبعيدة، فإخواننا الجزائريين الذين خرجوا على الحكام، ولا أستطيع أن أقول أنهم من القسم الذين ظهر منهم الكفر البواح أو لا، ما يهمني هذا التحقيق لأني أقول : اليوم لا يجوز لشعب من الشعوب أن يخرجوا على حكومتهم حتى ولو رأوا منهم الكفر البواح، لم؟ لأنهم لا يستطيعون الخروج لأنه سيعود عليهم الخروج وبالاً، وخذوا مثال : خروج جماعة جهيمان في المسجد الحرام، خروج بعض المصريين من جماعة الهجرة والتكفير في مصر وإلى الآن وكل يوم كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة وهو من الأحاديث المقيدة بطبيعة الحال في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك : ( ما من يوم إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم ) هكذا يقول أنس ولذلك فهذه التجارب تكفي عبرة للمسلم الذي لا يؤمن إلا بالمادة لا يؤمن بالفقه، يقول لك الفقيه : لا يجوز إلا أن تروا كفراً بواحاً وإلا أن تستطيع أن تتغلب على هذا الحاكم الكافر كفراً بواحاً هذا هو الجواب عن السؤال ذي الشقين في غيره ؟
السائل : جزاك الله خير .