ضرب الشيخ لمثالين من الأحاديث الموقوفة والتي لواحد منها حكم الرفع والآخر ليس له حكم الرفع. حفظ
الشيخ : لتوضيح هذه القاعدة مع الشرط المذكور لابد من ضرب مثلين اثنين:
أحدهما للحديث الموقوف على الصحابي وهو في حكم المرفوع، والآخر موقوف على الصحابي ولكن ليس في حكم المرفوع لما سبق ذكره آنفًا.
الأول: روى الحاكم في مستدركه وغيره من علماء الحديث عن ابن عباس قال: ( نزل القرآن إلى سماء الدنيا في بيت العزة جملة واحدة، ثم نزل أنجمًا حسب الحوادث ) كما ترون هنا من حيث الرواية قال ابن عباس، لكن هذا مما يقال فيه: إنه في حكم المرفوع، لماذا ؟
لأنه أولًا: يتحدث عن نزول القرآن وهذا غيب محض لا يعرفه إلا من أُنزل عليه وهو رسولنا صلوات الله وسلامه عليه.
ثانيًا: يأتي بشيء من التفصيل يؤكد أنه لا مجال للعقل أن يجول فيه وهو قوله: ( نزل القرآن الكريم جملة إلى بيت العزة في السماء الدنيا ) فهذه تفاصيل لا يستطيع العقل البشري أن يحيط بها أبدًا، ولذلك قال العلماء: هذا موقوف في حكم المرفوع.
أما المثال الثاني الذي لا يصلح أن يكون في حكم المرفوع وهو ما يذكر في تفسير ابن جرير وغيره في تفسير قوله تعالى في حق سليمان : (( وَأَلقَينَا عَلَى ‌كُرسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ )) هكذا الآية؟
قالوا : الجسد الذي أُلقي على كُرسي سليمان هو الشيطان في هذا المضمار، لماذا ؟
قال: ألقي الشيطان على كُرسي سليمان ليحكم مكانه وليدير مملكة سليمان عليه السلام التي كان يُسيطر فيها على الإنس والجن كما هو معروف في القرآن الكريم، وأين سليمان ؟!
من تمام القصة الباطلة أنه -وهذا معروف لدى العامة عندنا في الشام، ما أدري والله في البلاد الأخرى- يقولون: كان ملك سليمان في خاتمه، فذات يوم دخل الخلاء وخلع الخاتم وأعطاه لامرأته، ولعل اسمها جرادة كما يقولون زعموا.
فجاء الشيطان -وهذه مصيبة أخرى- متزييًا بزي سليمان عليه السلام فأخذ منها الخاتم فوضع الخاتم في إصبعه، فخضع له ملك سليمان وجلس على كرسيه ، هذه بلا شك من الإسرائيليات التي لا يليق نسبة شيء منها إلى رجل مؤمن صالح فضلًا عن أن يُنسب إلى نبي كريم ابن نبي كريم، سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام.