ما صحة قول من يقول: الله موجود ليس في مكان؟ حفظ
الشيخ : لكن في ظني أن من أُشير إليه ممن نعرفهم قديمًا وحديثًا أنهم يكتفون من الاعتقاد بالقول أن الله موجود، فنقول: إنهم يقولون هذا الكلام وقد يضمون إلى ذلك جملة نافية، فيتوهمون أن نفيهم هذا هو من باب التنزيه أي كمثل قوله تعالى: (( ليسَ كَمِثلهِ شيءٌ )) لكن شتان ما بين هذا النص القرآني وبين قولهم الذي يزعمون إنه تنزيه، ما هو ؟
الله موجود ليس في مكان، فنحن نعود لنقول: إن كان هذا النافي الذي يقول: إن الله موجود ليس في مكان يعني في مكان مخلوق فهذا الذي قلناه آنفًا إنه لا يجوز للمسلم أن يجعل ربه الأكبر في هذا المخلوق الأصغر، لأن الله أكبر من كل شيء، ولكن كما يقال: " وراء الأكَمَة ما وراءها " ، وراء هذه الكلمة التي ظاهرها التنزيه لكن باطنها التعطيل، أي: إنكار وجود الله عز وجل ذاتًا وصفةً ولكن بعبارة توهم الإثبات مع التنزيه وليس كذلك.
الذين كانوا قديمًا ولا يزالون حينما يريدون أن يثبتوا وجود الله عزوجل يقولون: إن الله موجود في كل مكان، وهذه كلمة نسمعها في كثير من المناسبات من عامة الناس وبعض خاصتهم: القول بأن الله عزوجل موجود في كل مكان، هذه ضلالة كبيرة لأنها تعود إلى حشو الخالق بالمخلوق وهذا ضلال، فلما شعر بعض الضُّلال الذين لا يؤمنون بنصوص الكتاب والسنة وبحقائق الآيات والأحاديث المتعلقة بالصفات لما شعروا بأن هذا القول فيه نسبة العجز إلى الله وأنه محصور في خلقه الصغير، عادوا إلى القول ما هو أدهى وأمرّ من قولهم السابق، القول السابق هو أن الله موجود في كل مكان، فماذا قالوا؟
قالوا: إن الله عز وجل لا يوصف بأنه فوق ولا تحت، ولا يمين ولا يسار، لا أمام ولا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه، هذا الكلام معناه أن الله لا وجود له.
المقصود بأن القول بأن الله لا فوق لا تحت، لا يمين لا يسار، لا أمام لا خلف لا داخل العالم ولا خارجه هذا وصف للمعدوم .
لو قيل لأفصح العرب لسانًا صف لنا المعدوم لما استطاع أن يصف المعدوم بأكثر مما يصف هؤلاء معبودهم، لا فوق ولا تحت إلى آخر الكليشة.
ولذلك لما سمع أحد الأذكياء من بعض شيوخ الضلال وصف ربه بهذا الوصف المعطل قال كلمة في منتهى الذكاء والفطنة، قال: " هؤلاء قوم أضاعوا ربهم " لا فوق ولا تحت، لا داخل العالم ولا خارجه.