ما الراجح في أول من استعمل الحديث الحسن بالمعنى الاصطلاحي ؟ حفظ
السائل : ما هو الراجح في أول من استعمل الحديث بالمعنى الاصطلاحي، من استعمل الحديث الحسن بالمعنى الاصطلاحي ؟
الشيخ : الذي نعتقده أن مثل هذا السؤال لا يترتب من ورائه كبير فائدة ذلك لأن الأمر أمر تاريخي والأمور التاريخية من الصعوبة بمكان إثباتها هذا أولاً
ثانياً حسبنا أن نعلم فيما يتعلق بهذا السؤال أن هناك أئمة معروفين عند علماء المسلمين كافة بعلمهم وتخصصهم وإمامتهم في علم الحديث فيكفينا أن نعرف أن بعض هؤلاء هم الذين عرفناهم أول من استعمل هذا الاسم أو هذا القسم من أقسام الحديث ، فإذا عرفنا بأن زيداً من الناس مثلاً صحح حديثاً ما أو ضعف حديثاً ما ولم نعلم غير ذلك فهذا لا يعني إنه هذا أو ذاك هو أول من صحح ذاك الحديث أو ضعفه لأنه يمكن أن يكون الأمر كما يقال : في الزوايا خبايا
ولعله مر بك قصة تروى في كتب الحديث عن الإمام الزهري أنه حضر مجلس حديث لأحد علماء الحديث وهو يحدث على طريقة المحدثين القدامى بالأسانيد التي وردت إليه تلك الأحاديث والإمام الزهري كما تعلم هو من كبار أئمة الحديث في عصر التابعين وإن كان من صغارهم سناً وهو من كبارهم علماً فأخذ يحدث ذلك الشيخ الأحاديث يستغربها الإمام الزهري ولم يسعه في النهاية إلا أن يصارح ذلك الشيخ بأنه استغرب بعض الأحاديث التي ... هل احطت بالسنة كلها ... لا تؤاخذوني
حينما أبدأ بالكلام هكذا يأخذني السعال ...
الطالب : أسأل الله أن يحفظكم
الشيخ : ويتغلب علي البلغم شيئاً ما وأنا على كل حال بخير كبير الحمد لله
الطالب : أسأل الله عز وجل أن يحفظكم
الشيخ : الله يسلمك، الشاهد: قال له ذلك المحدث العالم الكيس الفطن الفقيه ، قال : يا غلام هل أحطت بالسنة أو بالحديث كله ... ؟ قال: لا ، قال بثلاثة الأرباع ؟ قال: لا ، قال: بالنصف ؟ قال: ربما ، قال فاجعل هذا الذي سمعته واستغربته من النصف الآخر
واستشهادي بهذه القصة واضح جداً فيما نحن فيه مع لفت النظر إلى جوابي الأول أنه لا قيمة لمثل هذا السؤال ، لأننا لو فرضنا أن أول من استعمل إطلاق اسم الحديث الحسن هو الإمام الفلاني لكن العلماء الذين جاؤوا من بعدهم أهدروه ولم يعملوا به فما قيمة معرفتنا لهذا الأول والعكس بالعكس تماماً لم نعرف نحن من هو أول من استعمل ، لكن عرفنا الإمام البخاري أنه استعمل هذا وتبعه تلميذه الترمذي وأشاعه في سننه ووإلى آخره عرفنا هذه الحقيقة ثم جرى علماء الحديث على هذا السنن وعلى هذا المنهج دونما أي إنكار هذا هو المهم في الموضوع أما من هو أول فما يترتب لو عرفنا ما يترتب على معرفتنا هذه شيء يذكر كما قلت في أول الجواب
هنا لا بد لي من ألفت النظر إلى دليل نستعمله كثيراً في المسائل الفقهية لكن هذا الدليل يتدخل ويدخل بما نحن في صدده إذا جرى المسلمون على طريقة طبعاً أعني بالمسلمين هنا هم العلماء ولا أعني منهم الرعاع كما هو شأن من ليس بعلماء حقيقة حينما يستحسنون بعض البدع وانتشارها لأنه هذا أمر مجمع عليه بين عامة الناس وبعض الفقراء ... الأقوياء في العلم أنكروا والآخرون إما أنهم علموا فسكتوا وإما أنهم جهلوا فمشوا مع الرعاع هؤلاء وإنما أقصد بكلمتي هذه هم العلماء المسلمين فإذا جرى هؤلاء العلماء على منهج أو على طريقة علمية أو على اصطلاح علمي دون نزاع بينهم هنا ترد حينذاك الآية الكريمة : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) والشاهد من هذه الآية هو قوله عز وجل : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) فسبيل المؤمنين من يوم استعمل لفظ الحديث الحسن وأعود وأكرر ولا يهمنا من هو الأول ، يهمنا أن عمل المسلمين جرى على هذا الاستعمال فليس لنا أن نخالف هذا لاجتهادات شخصية واجتهادات نية غير ناضجة لأن العلم كما أنا أقول دائماً وأبداً والأخ أبو الحسن يذكر هذا جيداً لا يقبل الجمود هو دائماً في تقدم فنحن نعلم أن كل العلوم الشرعية الآن التي يعرفها المسلمون لم تكن في هذه الساعة بهذه الاصطلاحات معروفة في العهد الأول الأنور لأن هذه الأمور الظروف اقتضتها وتطلبتها فاجتهد العلماء فيها ... أمور منها اتفقوا فهو سبيل المؤمنين وأمور منها اختلفوا فهنا يرد قوله تعالى في الآية الأخرى : (( فإن تنازعتم في شيء ردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً )) وما اتفقوا عليه لا يجوز أن نخالفهم فيه ، وما اختلفوا فيه رجعنا إلى ... وإلى الدليل والأمر كما قال تعالى : (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا ما رحم ربك )) فالاختلاف أمر طبيعي لا بد منه ولذلك أنا لا أنكر ولا أؤاخذ طويلب علم يخالف البخاري ومسلماً فضلاً عن الألباني في آخر الزمان أنا لا أنكر ذلك عليه إذا ما كان فعلاً طالب علم واجتهد وبدا له خلاف ما بدا لمن سمينا من المتقدمين أو المتأخرين ولكن أنكر على من كان عالماً فعلاً أن يحدث في الاصطلاح اصطلاحاً جديداً يبلبل أفكار طلاب العلم فضلاً عن أنه ... عامة المسلمين وكافة المسلمين الذين وثقوا بعلمائهم خاصة المتقدمين منهم وبالتالي هؤلاء المتأخرين الذين يسلكون سبيل الأولين
لهذا وذاك أنا أقول : السؤال في أصله لا قيمة له والقيمة أن نعرف أن هناك استعمالاً لكبار علماء الحديث القدامى والذين تخضع لهم رقاب كبار العلماء الذين يعرفون قدر العلماء وقدر العلم الذي تخصصوا فيه فضلاً عمن جاء بعدهم لذلك فما ينبغي لطلاب العلم الذين سلكوا سبيل هؤلاء العلماء الذين لا يجرؤون على مخالفتهم لا ينبغي أن تضطرب أفكارهم وأن تختل موازينهم بسبب ناعق ينعق مخالفاً لما كان عليه الأئمة ، هذا جوابي عن هذا السؤال ولعله يكفي إن شاء الله