ضرب الشيخ لبعض الأمثلة توضح ضلال من حاد عن الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، ومنهم فرقة القاديانية. حفظ
الشيخ : ولابد من ضرب بعض الأمثلة التي تبين أنه لا عصمة لكل من كان حريصاً على التمسك بالكتاب والسنة فضلاً عمن حاد عنهما أنه لا مجال إطلاقاً ليكون على الكتاب والسنة إلا إذا أخذ بقيد: ( ما أنا عليه وأصحابي ) لأن المذاهب كما قلنا في مطلع الكلام كلهم ينتمي إلى الكتاب والسنة حتى الفرق الضالة، وأضل الفرق في هذا الزمان هم طائفة القاديانية الذين جاءهم شخص ادَّعى لهم النبوة واتّبعوه وصار له أنصار في كثير من البلاد الأوروبية والأمريكية واتّبعه مسلمون في بعض البلاد العربية، لماذا ؟
لأنهم لم يتمسكوا بهذا المنهج منهج فهم الكتاب والسنة على ما كان عليه السلف الصالح، أضرب على ذلك مثلاً مما فهموه من نصوص الكتاب والسنة ودعوا الناس إلى فهمهم فضلوا وأضلوا.
هم مما انحرفوا به عن الكتاب والسنة باسم الكتاب والسنة أنهم ادّعوا أنه يأتي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنبياء كثيرون، وزادوا على ذلك أنه قد جاء واحد منهم وهو الذي كان يسمى بغلام أحمد القادياني أو ميرزا غلام أحمد القادياني.
هذا الرجل جاء إلى نصوص من الكتاب والسنة صريحة في أنه لا نبي بعد الرسول عليه السلام مع ذلك فنبيهم والذين اتبعوه على ضلالته ادّعى أنه نبي مع أن الله عزوجل يقول: (( ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتمَ النبيين ))، بماذا فسر قوله تعالى: (( خاتم النبيين )) من حيث الأسلوب العربي قالوا: خاتم النبيين أي: زينتهم، وليس معنى ذلك أنه آخرهم، وجاؤوا ببعض استعمالات العربية منها مثلاً يقال: فلان خاتم العلماء، فلان خاتم الأدباء، لكن هذا ليس معناه أنه لا عالم بعده ولا أديب بعده، وإنما المقصود أنه زينة العلماء وزينة الأدباء، فسروا هذه الآية بهذا التفسير وهي تتحمل ككلام عربي تتحمل مثل هذا التفسير الباطل إذا ما وقفنا فقط عند فهم رجل من العرب، لكن هذا المعنى أبطل ما يكون إذا رجعنا إلى تلقي بيان الرسول عليه السلام المشار إليه في الآية السابقة: (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم )) فقد بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث كثيرة متواترة أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وآله وسلم كمثل قوله: ( إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول ولا نبي بعدي ).
مع ذلك جاءوا إلى هذا النص -أعني أولئك القاديانيين- : ( لا نبي بعدي ) فحرفوه وفسروه بتفسير آخر لا يعارض ما هم عليه من الضلال من دعوى جواز مجيء أنبياء بعده عليه السلام وأن ميرزا غلام أحمد القادياني كان صادقاً في ادّعاء النبوة، لأن معنى : ( لا نبي بعدي ) فيما زعموه: لا نبي معي وليس من بعدي، فلا نبي معي معناه يختلف كل الاختلاف عن دلالة الحديث هذا وغيره أي: لا نبي بعده عليه السلام مطلقاً إلى أن تقوم الساعة.
فإذن هم حينما وقعوا في هذه الضلالة الكبرى ما خرجوا عن قولهم: نحن على الكتاب والسنة، لكننا نقول لهم ولأمثالهم من الفرق القديمة والحديثة :
" والدّعاوي ما لم تُقيموا عليها بيناتٍ أبناؤها أدعياءُ "، إذا ادّعيتم أن معنى الآية السابقة: (( خاتم النبيين )) أي: زينة الأنبياء، وادّعيتم أن قوله عليه السلام: ( لا نبي بعدي ) لا نبي معي، فعليكم أن تُثبتوا أن هذا المعنى هو الذي فهمه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم منه حيث تلقوا الآية والحديث منه مباشرة، ثم جاء التابعون من بعدهم وأتباعهم فاتبعوهم على هذا المعنى الذي زعمتموه، لن يجدوا إلى ذلك سبيلاً
على ذلك جاءوا أيضاً بعقائد جديدة لا يعرفها السلف الصالح إطلاقاً مع أنهم يقولون نحن على الكتاب والسنة، فهم مثلاً يُنكرون خلقاً من خلق الله ذُكروا في كتاب الله غير مرة ألا وهم الجن، بل وفيهم سورة تُسمى باسمهم هذا الخلق أنكروه ليس إنكاراً لسورة الجن كلها ولنصوص أخرى تُثبت هذا الخلق الذي أثبته الله عز وجل في جملة ما أثبت كالملائكة مثلاً، فقالوا معنى الجن هم الإنس وهم البشر.
فإذن الفِرق الضالة حينما تضل عن سواء السبيل لا تقول نحن لسنا على الكتاب والسنة، بل كلهم يدعي تلك الدعوة ولكنهم يضلون بسبب انحرافهم عما كان عليه السلف الصالح في فهمهم لنصوص الكتاب والسنة، وهذان مثالان حديثان في العصر الحاضر، وعلى طالب العلم أن يقيس على ذلك الاختلافات القديمة التي حدثت من الفِرق المعروفة كالمعتزلة وكالمرجئة والخوارج ونحو ذلك فما كان انحراف هؤلاء عن العقيدة السلفية الصحيحة بسبب إعراضهم عن التمسك بالكتاب والسنة، كلا، لم يكن شيئاً من ذلك وإنما كان بسبب ركوبهم رؤوسهم وتسليطهم لأفهامهم على الكتاب والسنة وفهمهم إياها كما بدا لهم دون أن يعتبروا بما حض عليه الرسول عليه السلام من التمسك بما كان هو عليه وأصحابه، ليس بما كان هو عليه فقط، لأن ما كان عليه قد يُفسر بتفاسير مختلفة كما ضربنا على ذلك بعض الأمثلة ولكنه قال: ( ما أنا عليه وأصحابي ).