ذكر الشيخ لبعض الأمثلة من السنة في وجوب متابعة المسافر للإمام المقيم وأنه لا يقصر ويفارقه. حفظ
الشيخ : ولهذا أمثلة وأمثلة كثيرة جدّاً في مسجد الخيف هنا وفي حجة الوداع: ( صلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الفجر يوماً ولما سلم وجد رجلين يوحي وضعهما أنهما لم يشاركا الجماعة في الصلاة، فناداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهما: أوَ لستما مسلمين، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فما منعكما أن تصليا معنا، قالا: يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا )
فقه هذين في جوابهما أنهما كانا تعلما من نبيهما صلى الله عليه وآله وسلم: ( أنه لا صلاة في يوم مرتين ) فهما أديا الفرض في خيمتهما ولما جاءا إلى المسجد وجدا النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فرأيا أن لا يعيدا الصلاة مرة ثانية لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في الحديث الصحيح: ( لا صلاة في يوم مرتين ) فماذا أجابهما الرسول عليه السلام؟ ! لقد أدخلا قيداً على ذاك الحديث ( لا صلاة في يوم مرتين ) فقال: ( إذا صلى أحدكم في رحله ثم أتى مسجد الجماعة فليصل معهم فإنها تكون له نافلة ) ما فقه هذه المسألة وما ارتباطها بمسألتنا السابقة ؟!
فقهها هي: أنما يكون الأصل فيه ممنوعاً يُصبح جائزاً بل واجباً لمناسبة تطرق، فهنا الأصل أن لا يصلي صلاة فريضة مرتين، وعلى هذا بنى الرجلان عملهما لكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لهما أن القاعدة هي كما تعلمون لكن هذه الصورة مستثناة من القاعدة ( فإذا أتيتم مسجد الجماعة فصلوا معهم تكون لكم نافلة )، إذن إذا قابلنا هذه الصورة الخاصة مع الحديث العام: ( لا صلاة في يوم مرتين ) لوجدنا هناك تعارضاً بادي الرأي، لكن لا تعارض لان الحديث الأول عامّ خصص بهذه الجزئية، لكن أقول فقه ذلك أن ما كان ممنوعاً محرماً من قبل صار مباحاً بل واجباً ، لماذا ؟ لكي يوافق الجماعة، لينضم إلى الجماعة
تقول لي: كيف يكون مشروعاً أن يقتدي المسافر بالإمام المقيم ثم ينفصل عنه لماذا؟ لأنه رجع إلى الأصل كما رجع الرجلان إلى الأصل لكن كما دخل على ذلك الأصل تخصيصٌ كذلك دخل على أصلهم أن صلاة المسافر ركعتين تخصيص ألا وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما من جهة والاستنباط القوي الدقيق من جهة أخرى من حديث أنس الذي أسقط الركن عن السليم الذي يصلي وراء الإمام الجالس لمرض، كل ذلك لكي لا تظهر هذه المخالفة.
وأمر المخالفة أمر هام جدّاً جدّاً يستساغ في سبيل عدم الوقوع فيها كثيرٌ مما الأصل فيه ممنوعٌ، ولعلي أختم الجواب حول هذه المسألة واطوِ صحائفك بما جاء في سنن أبي داود: " أن عثمان بن عفان رضي الله عنه لمّا حج بالناس في خلافته، ونزل هنا في منى، صلى مقيماً، صلى رباعية، ولم يصل قصراً، فأنكر ذلك عليه بعض الصحابة وكان منهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم جميعاً "، لكن الغريب في الموضوع وهنا الشاهد أن ابن مسعود الذي أنكر عليه مخالفته للسنة ولعثمان عذره ولسنا الآن في هذا الصدد لكن مع ذلك " قالوا له: السنة أن الرسول عليه السلام في حجة الوداع صلى هنا قصراً "، كان ابن مسعود من جملة من أنكر عليه لكن مع ذلك كان إذا صلى خلفه صلى أربعاً، " فيقال له: كيف تُنكر ثم تصلي خلفه أربعاً ؟ " فكان يقول -وأرجو أن تحفظوا هذه الجملة لأنها تعتبر دعامة في سبيل القضاء على كثير من الخلافات الفكرية التي يدوم الجدل حولها اليوم كثيراً بين الأفراد والجماعات- ما هي هذه الجملة: لماذا أنت تنكر ثم تصلي أربعاً قال: " الخلاف شرٌّ "،" الخلاف شرٌّ " فإذا كان الخلاف شرٌّ ورسولك يأمرك بأن تقتدي بالإمام فتركب رأيك وتقول: الأصل ركعتان ! هذا الأصل دخله تخصيص فتمسك بالنص الخاص لأن النص الخاص يقضي على النص العام كما هو مقرر في علم أصول الفقه والحمد لله رب العالمين.
السائل : هنا إشكالان، قد يردُ !
الشيخ : احفظ إشكالك حتى نُصلي.
الطالب : لو سمحتم يا إخوان ... تضايقوه
الشيخ : اهلا أهلا
الطالب : بارك الله فيك