فائدة : التنبيه على أمور ومستجدات تتعلق بشعيرة الأذان . حفظ
الشيخ : فنحن نقول مثلًا هذا المكبر، هذا اللاقط للصوت، لقد صرف المؤذّنين عن كثير من السنن ، وذلك لجهلهم أو تساهلهم أو للأمرين معاً فمن سنة الأذان أن يصعد إلى مكان مرتفع أن يظهر بشخصه، كلنا يقرأ في السّيرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما فتح مكة صعد بلال وأذن على ظهر الكعبة، تُرى لماذا لم يؤذن في أرض الكعبة في المكان الذي يصلي فيه الناس؟ ذلك لأن في هذا الارتفاع وفي إعلان الصوت بتوحيد الله عز وجل في ذلك المكان الطاهر الذي كان المشركون قد لوّثوه ودنّسوه بشركهم ووضعهم الأصنام التي كانوا يعبدونها من دون الله، فوضع هذا المؤذن بصوته الرفيع ليعلن هناك توحيد الله عز وجل هذا بلا شك له صدع وله أثر في الناس صالحين وطالحين كلٌ بحسبه ودون ذلك بكثير فيما لو أذن في أرض المسجد الحرام.
كذلك كان من السنة مطلقاً أن المؤذن يرتفع في مكانه يظهر بشخصه وبصوته معا ثم يلتفت في السنة يمنة ويُسرى.
فاليوم المؤّذن قنع بسنة من هذه السّنن وهو تبليغ الصوت بهذا اللاقط للصوت والمبلّغ له، أما البروز بشخصه هذه سنّة تركوها.
وأنا رأيت بعيني ونصحت بفمي بعض المؤذنين يؤذنون أيضًا غير مستقبلي القبلة، والسبب أن مكبر الصوت وضعه الجاهل الكهربائي الجاهل ربما كان من تاركي الصلاة وضعه في جهة يكون مستقبل للاقط الصوت غير مستقبل القبلة فوقف المؤذن كما قيل له بلسان الحال، ولسان الحال أنطق من لسان المقال.
قلنا له: يا أخي القبلة من هنا وليست من هنا، فهو استجاب مؤقّتاً ريثما يصلحون له أيش وضع اللاقط هذا .
فالشاهد أن هذا اللاقط فيه حسن وهو تبيلغ الصوت، لأن من السنة كما جاء في حديث مشروعية الأذان حينما جاء عبد الله بن زيد الأنصاري، وقصّ رؤياه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال له: ( إنها رؤيا حق، فألقه على بلال فإنه أندى صوتًا منك )، وهناك أحاديث كثيرة في أن المؤذن إذا ما أذن فما يبلغ صوته حجر أو مدر إلا شهد له يوم القيامة.
هذه الفضائل تأتي من تبليغ الصوت، فلا بأس بالاستعانة بهذه الآلة التي خلقها الله حجة على عباده في هذا العصر، ولكن بشرط ألا يكون ذلك سبباً لإضاعة سنن أخرى.
ومن هذه السنن: البروز، وأنا أرى أن المؤذن ينبغي أن يؤذّن في مكان مرتفع، لكن ضعفت الهمم الآن، وهذا في الواقع عقاب من الله عز وجل للناس الذين لا يلتزمون الأحكام الشرعية، إن هذه المآذن التي بُنيت ولا تزال تبنى حتى اليوم مع استغنائهم عن الصعود على ظهر المسجد فضلًا عن صعودهم إلى أعلى درجة من درجات المنارة الطويلة هذه حتى اليوم لا يزالون يبنون هذه المنائر هذه المنائر التي تشبه ناطحات السحاب لست في شيء من الإسلام إطلاقًا إنما هي رياء ومباهاة وسمعة لا تقرّب صاحبها عند الله تبارك وتعالى شيئا.
مع ذلك كان بعض المؤذنين قديماً وأنا شاهدت في زماني مؤذني بني أمية يصعدون فعلاً إلى المنارة ويؤذنون من هناك ما أدري حتى الآن كذلك
الشاهد: فكانوا قديماً يصعدون إلى المنارة، أولاً كانوا أشد خوفًا من الله ورغبة فيما عند الله من الناس بصورة عامة والمؤذنين والأئمة بصورة خاصة، أما الوضع اليوم فصار مادة، ماعاد أجر وما دام أن المقصود في زعم المؤذنين اليوم من الأذان هو تبليغ الصوت للناس الذين حول المسجد، فما شاء الله هذا يبلّغ من هم وراء المساجد الأخرى، لذلك ما عاد أحد منهم يفكّر يظهر في شخصه، ولا ليحافظ على السنة في الالتفات يمينًا ويساراً، فإذا التفت راح الصوت فهذا المكبر لم يوضع بصورة روعي فيها مصالح المسلمين، وهذا بلاء كبير جدًا التخطيط دائما يكون مراعاً في ذلك الامور المادية الظاهرة، ولا يُراعى في ذلك المصالح الإسلامية العامة.