هل صح أن النبي ضلى الله عليه وسلم صلى على عبد الله بن أبَي وعن موقف عمر أنه أراد منعه من ذلك وأن القرآن نزل مؤيدًا لعمر ؟ حفظ
الشيخ : أما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المنافق فإنما هو باجتهاد منه، وقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعمل في إجراء الأحكام الشرعية بناءً على الأمور ظاهرة، فهذا الرجل يصلي ويشارك المسلمين في كثير من الطاعات والعبادات ولكن كما قال تعالى: (( ولتعرفنّهم في لحن القول ))، فمهما كما قال الشاعر أيضًا:
" ومهما تكن عند امرءٍ من خليقةٍ *** وإن خالها تخفى على الناس تُعلم "
فهؤلاء مهما كتموا نفاقهم فلا بد أن ينزلق من أطراف لسانهم بعض الكلمات التي تدل على الكفر الذي استقر في قلوبهم.
فلا شك أن هؤلاء كان كفرهم اعتقادياً كفرا يستحق أحدهم أن ينطبق عليه الآية المشهورة: (( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار )) فهذا من هؤلاء.
ولكن الرسول صلوات الله وسلامه عليه مع أنه كان يعرف بعضهم لكنه كان يعاملهم معاملة المسلمين فيما يظهر وهذا من الأحكام الشرعية ، ومن مثل ذلك أخذ العلماء القاعدة المشهورة عند الفقهاء والتي يتوهمها بعض الجهال بالحديث أنه حديث ألا وهي قولهم: أننا نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر.
هذه قاعدة فقهية صحيحة، ولكن ليس لفظا نبويًا، وإنما هو مأخوذ من كثير من الأحاديث القولية والفعلية من جهة، ومن تطبيق الرسول عليه السلام هذه القاعدة في منطلقه في معاملته للناس جميعا وفيهم أمثال هذا المنافق.
فالرسول صلى الله عليه وسلم صلى عليه بناءً على هذه القاعدة وهو يعلم أنه منافق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان له من بين الصحابة رجل واحد اصطفاه وخصّه بخصوصية دون أصحابه جميعا وكان موضع سرّه ألا وهو حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، فكان عنده أسماء المنافقين ولذلك كان عمر ابن الخطاب من خوفه من ربه كان يسأل حذيفة يناشده ربه هل ذُكر اسمه في زمرة المنافقين الذين سمّاهم الرسول عليه السلام له فيبشره بأنه ليس فيهم.
خلاصة القول: إن صلاة الرسول عليه السلام على هذا المنافق هو فرع من فروع معاملته معاملة المسلم للقاعدة السابقة: نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر .