هل يحمل تدليس الحسن البصري عن سمرة على التصريح بالسماع مطلقا لما ذهب إليه بعض الأئمة مثل البخاري وابن المديني والترمذي وابن حجر, وجعله في الطبقة الثانية ومعلوم أن أصحاب الطبقة الثانية عنعنتهم تحمل على التصريح بالسماع ؟ حفظ
السائل : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه ووالاه .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سؤال: هل يحمل تدليس الحسن البصري عن سمرة على التصريح بالسماع مطلقا لما ذهب إليه بعض الأئمة مثل البخاري وابن المديني والترمذي وابن حجر، وجعله في الطبقة الثانية ومعلوم أن أصحاب الطبقة الثانية عنعنتهم تحمل على التصريح بالسماع ؟
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن مسألة التدليس من دقائق علم الحديث، والحسن البصري رحمه الله مشهور بأنه كان من التابعين الأجلّاء الذين كانوا يكثرون الرواية عن أصحاب رسل الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنه كان لصدعه بالحق كان يتصل مع بعض الصحابة الذين كانوا غير مرضيين عند بعض الحكام، فكان يتحرّز من التصريح بأسمائهم ولذلك كان يدلّسهم، فكان يكثر من الرواية بخاصة عن سمرة بن جندَب أو جندُب رضي الله عنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلا يصرّح بالواسطة أو الذي حدثه بالحديث عن سمرة رضي الله تعالى عنه، عُرف الحسن البصري بهذا التدليس ولذلك كان موضع اتفاق أنه إذا صرّح بالتحديث في بعض الأحاديث سواء ما كان منها من روايته عن سمرة أو عن غيره من الصحابة، ففي هذه الحالة لا يشك أحد من أهل العلم على أن حديثه في غاية الصحة إذا صح السند بذلك إليه .
أما إذا عنعن ولم يصرح بالتحديث فهنا يتوقف بعض أهل العلم قديماً وحديثًا عن الاحتجاج بحديثه إذا كان تفرّد بذاك الحديث ولم يتابع عليه، والحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله حينما صنف المعروفين في التدليس في رسالته *طبقات المدلسين* اجتهد فوضع كل راوٍ من هؤلاء المدلّسين في طبقاتٍ متنوعة ابتداءً من الأولى والثانية والثالثة وما بعدها، فمن أورده في الطبقة الأولى والثانية فهو عنده ممن يحتج بحديثهم ويُغتفر تدليسهم ، ولم يورده في الطبقة الثالثة فما بعدها، لأن الحسن البصري عنده لم يكن كثير التدليس.
وهنا ينبغي أن نلاحظ شيئًا يخفى على كثير من طلاب أهل العلم ، الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله كان لا شك أمةّ وحده في هذا العلم ولم تلد النساء مثله.