كلام الشيخ عن واقع الدعوة والدعاة، وما ينبغي أن يكونوا عليه. حفظ
الشيخ : في هذه المسألة فيها شيء من الدقة، أنا أعتقد أن موضة العصر الحاضر الآن: انشغال من لا يصلح للدعوة بالدعوة، ولم نكتف بهذا فكنَّ هناك داعيات أيضًا، وهنَّ لا يعرف من الإسلام إلا الشيء القليل، وأصبحت هذه اللفظة سواء كانت متعلقة بالذكور أو بالإناث فتنة، لأن الإنسان إذا عاش بمعنىً قائم في ذهنه تأثر بهذا المعنى على مدى الحياة، حتى ليذكّرني ذلك بنكتة كنت قرأتها في بعض كتب الأدب عن أشعب الطامع أراد أن يداعب الأطفال في الطريق يومًا فقال لهم: انظروا إلى هذا القصر فهناك هدايا توزع، فركض الأطفال ورأى كذبه فركض هو معهم، فقيل له: كيف تركض معهم وأنت كذبت عليهم؟ قال: لعله صحيح، ههه
فهو كذلك يتوهم بعض الناس الذين يسمون أنفسهم بالدعاة فضلًا عن اللاتي يسمين أنفسهن بالداعيات، إنه صحيح في مركز يستحقون هذا الاسم فيتورطون ويتورطن أيضًا ويتكلمون في الإسلام بغير علم.
ومن هذا القبيل ترك بعض الأحكام الشرعية بسم مصلحة الدعوة، أنا لا أستطيع أن أنكر بأن لهذا الكلام أصلًا، لكن من الذي يستطيع أن يطبقه، أهؤلاء الدعاة الذين يصح أن يقال: إنهم اسم غير مسمى، أم العالم المتمكن أولًا: بعلمه، وثانيًا: في دينه الذي يربطه بتقوى ربه، فلا يُرائي ولا يداهن، وإنما فعلًا هو يريد أن يحقق مصلحة الدعوة؟!
فهذه المصلحة إذا قُدّرت حق قدرها ووضعت في مكانها المناسب فأهل الحديث هم أولى الناس بها، ولا أقول أهل الفقه بل أهل الحديث، لأنهم هم في الحقيقة أهل الفقه، فأنا لا أستطيع أن أتصور فقيهًا غير محدث، وإن كنت أستطيع أن أتصور محدثًا غير فقيه، أما فقيه غير محدث فهذا يكاد يكون معدومًا، فأهل الحديث هم أدرى بهذه القاعدة ولكن يجب أن توضع في موضعها، وذلك مما لا يستطيعه إلا أهل العلم.
من أبواب الإمام البخاري في * صحيحه * باب -معناه إن لم يكن لفظه- قوله: " بابٌ ما كُل حديث تُحدث به العامة " ثم روى تحت هذا الباب حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- الذي فيه: ( أنه كان رديف النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا معاذ؟ قال: لبيك يا رسول الله، ثلاث مرات، ثم قال عليه السلام: أتدري ما حق الله على عباده، وما حق العباد على الله؟ حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله أنَّ من مات منهم يشهد ألّا إله إلا الله مخلصًا من قلبه حرم الله بدنه على النار )، قال راوي الحديث عن معاذ: " فما حدث معاذ بهذا الحديث إلا عند الوفاة تأثمًا "، فهذا هو مراعاة مصلحة الدعوة، لكن أين مثل معاذ في العلم والفهم والصلاح والتقوى؟!
وجرى على هذا السَّنن غير معاذ أيضًا، فهناك في * صحيح مسلم * عن أبي ذر رضي الله عنه أنه لما حضرته الوفاة قال: ( لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم، ثم تلا قوله تعالى: (( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى )) -إلى آخر الآية- سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من مات وهو يشهد ألا إله إلا الله دخل الجنة ).
كذلك روى مسلم نحو هذا الحديث وهذا المعنى الموقوف عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-.
فمن هنا ينبغي على الداعية حقًّا أن يراعي موقف الناس، وأن يلاحظ أن ما هو كل حكم وكل حديث يُروى لهم، فقد يقعون في مشكلة لم يدندن الحديث حولها وإنما أراد إثبات عقيدة صحيحة، فإذا أساء الناس فهمها فحينئذ إما أن يُحدث الناس بهذا الحديث مع البيان والتفصيل، وإما أن يصرف النظر عن التحديث به.
هذا ما يعنُّ في البال جوابًا عن ذلك السؤال.
السائل : كذلك في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لولا أن قومك حديثوا عهد بإسلام ).
الشيخ : نعم هذا صحيح، هذا الحديث يؤخذ منه أنه إذا تعارضت المصلحة مع المفسدة، وكانت المفسدة تغلب المصلحة، فتؤجل المصلحة اتقاء المفسدة، لا شك هذا من قواعد الإسلام، لكن كما قلنا ينبغي ألّا يتورط بها من لا علم له بالإسلام، فأكثر الدعاة اليوم يعني أولًا: أصبحت وظيفة، وأكثرهم لم يدرسوا الإسلام دراسة واسعة، فلو أنهم تكلموا في حدود ما تعلموا لوقفوا عند حدودهم وما كان في ذلك إلا الخير، لكن نحن نرى أن هذه الدعوة التي سألت عنها تصدر من أُناس لا علم عندهم، أعني بلا علم عندهم يعني ما في عندهم علم فقهي ناضج مبني على السنة، فالمثال في بلدكم بذكر فتوى الصاع وهو الغزالي.
فهو كذلك يتوهم بعض الناس الذين يسمون أنفسهم بالدعاة فضلًا عن اللاتي يسمين أنفسهن بالداعيات، إنه صحيح في مركز يستحقون هذا الاسم فيتورطون ويتورطن أيضًا ويتكلمون في الإسلام بغير علم.
ومن هذا القبيل ترك بعض الأحكام الشرعية بسم مصلحة الدعوة، أنا لا أستطيع أن أنكر بأن لهذا الكلام أصلًا، لكن من الذي يستطيع أن يطبقه، أهؤلاء الدعاة الذين يصح أن يقال: إنهم اسم غير مسمى، أم العالم المتمكن أولًا: بعلمه، وثانيًا: في دينه الذي يربطه بتقوى ربه، فلا يُرائي ولا يداهن، وإنما فعلًا هو يريد أن يحقق مصلحة الدعوة؟!
فهذه المصلحة إذا قُدّرت حق قدرها ووضعت في مكانها المناسب فأهل الحديث هم أولى الناس بها، ولا أقول أهل الفقه بل أهل الحديث، لأنهم هم في الحقيقة أهل الفقه، فأنا لا أستطيع أن أتصور فقيهًا غير محدث، وإن كنت أستطيع أن أتصور محدثًا غير فقيه، أما فقيه غير محدث فهذا يكاد يكون معدومًا، فأهل الحديث هم أدرى بهذه القاعدة ولكن يجب أن توضع في موضعها، وذلك مما لا يستطيعه إلا أهل العلم.
من أبواب الإمام البخاري في * صحيحه * باب -معناه إن لم يكن لفظه- قوله: " بابٌ ما كُل حديث تُحدث به العامة " ثم روى تحت هذا الباب حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- الذي فيه: ( أنه كان رديف النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا معاذ؟ قال: لبيك يا رسول الله، ثلاث مرات، ثم قال عليه السلام: أتدري ما حق الله على عباده، وما حق العباد على الله؟ حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله أنَّ من مات منهم يشهد ألّا إله إلا الله مخلصًا من قلبه حرم الله بدنه على النار )، قال راوي الحديث عن معاذ: " فما حدث معاذ بهذا الحديث إلا عند الوفاة تأثمًا "، فهذا هو مراعاة مصلحة الدعوة، لكن أين مثل معاذ في العلم والفهم والصلاح والتقوى؟!
وجرى على هذا السَّنن غير معاذ أيضًا، فهناك في * صحيح مسلم * عن أبي ذر رضي الله عنه أنه لما حضرته الوفاة قال: ( لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم، ثم تلا قوله تعالى: (( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى )) -إلى آخر الآية- سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من مات وهو يشهد ألا إله إلا الله دخل الجنة ).
كذلك روى مسلم نحو هذا الحديث وهذا المعنى الموقوف عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-.
فمن هنا ينبغي على الداعية حقًّا أن يراعي موقف الناس، وأن يلاحظ أن ما هو كل حكم وكل حديث يُروى لهم، فقد يقعون في مشكلة لم يدندن الحديث حولها وإنما أراد إثبات عقيدة صحيحة، فإذا أساء الناس فهمها فحينئذ إما أن يُحدث الناس بهذا الحديث مع البيان والتفصيل، وإما أن يصرف النظر عن التحديث به.
هذا ما يعنُّ في البال جوابًا عن ذلك السؤال.
السائل : كذلك في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لولا أن قومك حديثوا عهد بإسلام ).
الشيخ : نعم هذا صحيح، هذا الحديث يؤخذ منه أنه إذا تعارضت المصلحة مع المفسدة، وكانت المفسدة تغلب المصلحة، فتؤجل المصلحة اتقاء المفسدة، لا شك هذا من قواعد الإسلام، لكن كما قلنا ينبغي ألّا يتورط بها من لا علم له بالإسلام، فأكثر الدعاة اليوم يعني أولًا: أصبحت وظيفة، وأكثرهم لم يدرسوا الإسلام دراسة واسعة، فلو أنهم تكلموا في حدود ما تعلموا لوقفوا عند حدودهم وما كان في ذلك إلا الخير، لكن نحن نرى أن هذه الدعوة التي سألت عنها تصدر من أُناس لا علم عندهم، أعني بلا علم عندهم يعني ما في عندهم علم فقهي ناضج مبني على السنة، فالمثال في بلدكم بذكر فتوى الصاع وهو الغزالي.