دعوة أحد الطلبة لإنشاء مناقشة علمية بين الشيخ الألباني والشيخ ابن باز في المسائل الخلافية بينهما لتتحد كلمة الطلبة. حفظ
السائل : يا شيخ أحسن الله إليك، لماذا لا يجعل مناقشة علمية بينك وبين الشيخ ابن باز في المسائل الخلافية أو في حديث ترى تضعيفه والشيخ يرى تحسينه أو العكس، فلماذا لا يجعل مناقشة علمية بينك وبين الشيخ ابن باز أو الشيخ ابن عثيمين أو أي من العلماء المحققين حتى يخرج بفائدة فاصلة وحكم تام بذلك، حتى لا يهتم الشباب برد الشيخ الألباني على هذه المسألة ورد الشيخ ابن باز على هذه المسألة وتتم ردود ردود بين الشباب ؟
الشيخ : وأين هذه الردود التي تشير إليها ؟
السائل : المطبوعة الآن.
الشيخ : إيش هو مثلًا ؟
السائل : مثلًا في حديث دعاء السوق ترى تحسينه.
الشيخ : إي نعم.
السائل : والشيخ ابن باز يرى تضعيفه.
الشيخ : وأين التضعيف ؟
السائل : في هذا الحديث.
الشيخ : أين التضعيف ؟
السائل : لا لم يطبع.
الشيخ : معليش مجرد الرأي ما يكفي، حينما يعرض كل إنسان رأيه على بساط البحث فستتجلى الحقائق، لأنه مثلًا أنا أقولك: ربما الشيخ ابن باز أو غيره -بارك الله في جميع المشايخ- قد يضعف الحديث من وجهة سند معين، فإذا ذكر ذلك وقوبل هذا بتحسين من حسنه فستجد أن هذا التحسين ما جاء من خصوص هذا الإسناد وإنما جاء من خصوص أسانيد أخرى، وجاء الحسن من مجموعة هذه الأسانيد، فأن يبين كل إنسان عنده علم ما عنده فبذلك تتبين الحقائق، أما الذي أنت تطلبه الآن أنا ما عندي شخصيًّا مانع وعشت هذه الحياة كلها وأنا مستعد للقاء، لكن هل هذا أمر متيسر كلما قام خلاف في حديث ما أو في مسألة فقهية بين رجلين أو شيخين فاضلين أن يتموا دائمًا يلتقوا مع بعضهم البعض ويتناقشوا، وهل تظن أن الخلاف بيني وبين الشيخ ابن باز أكثر ولا بيني وبين مشايخ آخرين أكثر، ماذا تظن ؟
السائل : بينك وبين آخرين.
الشيخ : طيب هب أني أنا اجتمعت معه واتفقنا على كلمة سواء، كمان لازم تفرض عليّ ألتقي مع أي شيخ أخالفه، هذا باب واسع لا يمكن سده إطلاقًا، وأنا أريد أن أذكر بحقيقة، وهي:
أن الاختلاف أمر ممكن نقول طبيعي وأظنكم ما تفهمون من كلمة طبيعي أننا طبيعيون، وإنما المقصود طبيعي أي: سنة الله عزوجل في خلقه، كما قال عز وجل: (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ))، إذا كان أصحاب النبي عليه السلام قد اختلفوا، وأظنكم لستم في شك من هذا، أكذلك ؟
السائل : نعم.
الشيخ : لماذا لم يجتمعوا، لماذا لم يتفاهموا، لماذا لم يكونوا على كلمة واحدة؟ هذا أمر مستحيل، الذي يطلب من العلماء في أي عصر أن يكونوا متفقين في كل مسألة فهو يطلب المستحيل، لأن الله عز وجل فرض بإرادته الكونية السابقة أنه لا مجال للاتحاد في كل مسألة هذا أمر مستحيل، وأكبر دليل:
أقرب الناس إلى رسول الله عصرًا وفهمًا وخلقًا وكل شيء يُقتدى به عليه السلام هم أصحابه، فإذا اختلفوا هل يمكن لمن بعدهم أن لا يختلفوا ؟
فإذاً عبثًا تحاول وعبثًا تطلب، ولكن كما نقول: ما دام الصحابة اختلفوا فلا مجال لغيرهم ألا يختلفوا، نقول أيضًا كلمة أخرى لابد منها أنْ تُضم إلى الأولى وهي:
أنهم صحيح اختلفوا ولكنهم ما تفرّقوا وما تعادوا ولا تباغضوا، كذلك ينبغي على المسلمين في كل عصر وفي كل مِصْر حينما يختلفون في بعض المسائل ألا يفرق بينهم هذا الاختلاف في المسائل، والنموذج هو: أصحاب الرسول عليه السلام.
أما أن نقر الاختلاف فما يلازمه عند الكثيرين من التفرق والتباغض فهذا لا يجوز شرعاً، فإذن الصحابة اختلفوا في آرائهم وأفكارهم ولكن ما تفرقوا وهكذا يجب أن يكون الأمر، وهكذا نحن إن شاء الله، فما يضرنا أبدًا أن أحدهم يرى هذا الحديث حسن أو صحيح والآخر يرى عكس ذلك، هذا ما يضر مع التبيه إلى شيء:
أنه لابد من النظر في موضوع تخصص كل عالم في علمه، فيُعطى للمتخصص حقه مِن التقدير أكثر من غيره، فمن كان متخصصًا في التفسير فيرجح إذا كان لا دليل هناك يرجح قول الآخرين عليه فيرجح هو لأنه مجال تخصصه في هذا العلم، كذلك الفقه، كذلك الحديث، كذلك اللغة إلى آخره، فإذا عرف طلاب العلم هذه الحقائق زال منهم الاضطراب الذي أنت واقع فيه واندفعت متسائلًا بكل حرارة لماذا ؟!
لأني أقول: لا يمكن، كيف نجتمع ؟!
هي أنا مضى عليّ يمكن قرابة أربعين سنة بعد أربعين سنة جئت الرياض ثاني مرة، كيف يمكن هذا اللقاء بهذه السهولة التي أنت تتصورها، ولذلك فالمهم في الموضوع شيئان أساسيان:
كل عالم كل باحث يتقي الله فيما يذهب إليه، ثم يعذرُ كل عالم أخاه العالم الثاني ولا يحقد عليه ولا يتباغض لأنه يخالفه في الرأي .