بيان المنهج الصحيح لدراسة علم الحديث، وتوضيح الشيخ لأهم ما يَدرسه المبتدئون من كتب علوم المصطلح.. حفظ
الشيخ : لأهمية الحديث كما ظهر لكم الآن كان من الواجب على بعض علماء المسلمين أن يكون لهم العناية الخاصة بمعرفة طرق تمييز الحديث الصحيح من الضعيف، هذا التمييز يقوم على علمين اثنين:
أحدهما: ما يعرف بعلم مصطلح الحديث، والآخر: ما يُعرف بعلم الجرح والتعديل، ولكلٍ مِن هذين العلمين مراجع ومصادر كثيرة وكثيرة جدًا وهي تختلف من حيث التطويل والتقصير، والبسط والاختصار، ولهذا فنحن ننصح لمن أراد ووجد في نفسه استعدادًا وثقافة شرعية عامّة، عنده استعداد لدراسة هذا العلم بقسميه ننصح أن يدرس أول ما يدرس مما يتعلق بعلم المصطلح كتاب الحافظ ابن كثير الدِّمشقي المعروف بــــــ * اختصار علوم الحديث *، * علوم الحديث * كتاب لابن الصلاح وهو المعروف بـــ * مقدمة ابن الصلاح * مجلد مبسط في هذا العلم، علم المصطلح، جاء الحافظ ابن كثير مِن بعده فلخَّصه واختصره في جزء صغير سماه * اختصار علوم الحديث *، ثم جاء في العصر الحاضر أحد علماء الحديث المتقنين لهذا العلم نظراً وعملاً ألا وهو الشيخ أحمد شاكر القاضي المصري -رحمه الله- فشرح كتاب ابن كثير وسماه: * الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث * هذا الكتاب ينبغى على المبتدي في هذا العلم أن يفتتح دراسته في هذا العلم بهذا الكتاب، وأنصح أنه إذا لم يتيسر لهذا الطالب شيخٌ متمكنٌ في هذا العلم أن يستعين ببعض إخوانه الذين يشاركونه، أعني لا ينفرد بدراسة هذا العلم لأن فيه صعوبة واضحة، والأصل أن يدرس هذا على أحد العلماء المتمكنين فيه، ولكن إذا لم يتيسر له ذلك أن يستعن ببعض إخوانه ويتدارسون هذا العلم متعاونين عليه.
ثم أنصح بهذه المناسبة أن لا يهتم بدراسة هذا الكتاب مِن أوله إلى آخره وإنما يدرس نصفه الأول، لأن النصف الثاني غالبه يتعلق برواية الأحاديث بالأسانيد معرفة مثلًا: العلو والنازل وأسماء الآباء والأجداد ونحو ذلك فهذا يدعه بعد أن يتقن القسم الأول منه، وطالب هذا العلم إذا نظر في فهرس الكتاب المذكور فسيجد نفسه أنه ينبغي أن يختار بعض المواضيع أو أكثرها اختيارًا ولا يدرس كل فصل هناك لأن بعضها تتعلق بطريقة رواية الأحاديث بالأسانيد، وهذه الطريقة أصبحت اليوم مع الأسف نسياً منسياً، لأننا نحن نأخذ الروايات ليس عن شيخ عن شيخ حتى نعرف الأسماء بالتفاصيل، وإنما نأخذها من كتب السنة المعروفة اليوم كالستة ونحوها.
فإذا انتهى من دراسة هذا القسم من هذا الكتاب انتقل بعد ذلك إلى دراسة كتاب للحافظ ابن حجر العسقلاني فهو مختصر ومكثّف وهو المعروف بــــ * شرح النخبة * وشرح النخبة للحافظ ابن حجر هو مِن خير ما أُلف في علم المصطلح، لأن مؤلفه مِن نوادر علماء الحديث الذين عَرفوا هذا العلم اصطلاحًا وتطبيقًا، ثم لا يزال يرتقي طالب هذا العلمِ مِن كتاب إلى كتاب حتى ينتهي بعد ذلك إلى الرجوع إلى الكتب الأولى التي هي الأصل كمثل كتاب * مقدمة علوم الحديث * للحافظ العراقي، مثل كتاب * الكافية * مثلاً للخطيب البغدادي الذي كان طبع في الهند قديماً، وكتاب * علوم الحديث * أيضاً لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري، وكذلك كتاب للرامهرمزي، وهكذا هي أمهات التي منها استقى المتأخرون علوم هذا العلم: المصطلح.