تتمة الكلام حول أذاني الفجر ونقل كلام الصنعاني في ذلك. حفظ
الشيخ : هنا السيد سابق يقول: " ويشرع للمؤذن ‌التثويب، وهو أن يقول في أذان الصبح - بعد الحيعلتين -: ( الصلاة خير من النوم، قال أبو محذورة: يا رسول الله: علمني سنة الأذان؟ فعلمه وقال: فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاةُ خير من النوم، الصلاة خير من النوم ) رواه أحمد وأبو داود ".
" قلت: إنما يُشرع ‌التثويب في الأذان الأول للصبح الذي يكون قبل دخول الوقت بنحو ربع ساعة تقريبًا لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: ( كان في الأذان الأول بعد الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين ) رواه البيهقي -من أجل ذلك أنا طلبت منك *سنن البيهقي*- (1 / 423) وكذا الطحاوي في *شرح المعاني* (1/82). وإسناده حسن كما قال الحافظ. وحديث أبي محذورة مطلق وهو يشمل الأذانين لكن الأذان الثاني غير مراد، لأنه جاء مقيدًا في الرواية الأخرى بلفظ: ( وإذا أذنت بالأول من الصبح فقل: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم ). أخرجه أبو داود والنسائي والطحاوي وغيرهم، وهو مخرج في *صحيح أبي داود* فاتفق حديثه مع حديث ابن عمر، ولهذا قال الصنعاني في *سبل السلام* عقب لفظ النسائي: وفي هذا تقييد لما أطلقته الروايات، قال ابن رسلان: وصحح هذه الرواية ابن خزيمة، قال: فشرعية التثويب إنما هي في الأذان الأول للفجر لأنه لإيقاظ النائم، وأما الأذان الثاني فإنه إعلام بدخول الوقت ودعاء إلى الصلاة. انتهىـ من *تخريج الزركشي لأحاديث الرافعي* ومثل ذلك في *سنن البيهقي الكبرى* عن أبي محذورة: أنه كان يثوب في الأذان الأول من الصبح بأمره صلى الله عليه وآله وسلم.
قلت: وعلى هذا ليس ( الصلاة خير من النوم ) من ألفاظ الأذان المشروع للدعاء إلى الصلاة والإخبار بدخول وقتها، بل هو من الألفاظ التي شرعت لإيقاظ النائم فهو كألفاظ التسبيح الأخير الذي اعتاده الناس في هذه الأعصار المتأخرة عِوضًا عن الأذان الأول "
، هذا كله كلام الصنعاني.
وأنت ترى أن الروايتان رواية أبي محذورة ورواية ابن عمر ما يتبادر إلى الذهن: ( كان في الأذان الأول بعد الفلاح الصلاة خير من النوم ) إلا لو كان الأذان في الفجر كالأذان في بقية الصلوات، حينذاك لابد من هذا التأويل، لكن لما كانت صلاة الفجر تتميز عن بقية الصلوات بشرعية أذانين فيقول الصحابي العليم بهذين الأذانين: ( كان في الأذان الأول ) ما يخطر في بال إنسان المقصود به الأذان الثاني، هذا الحقيقة تأويل بعيد ما يصح أن يصار إليه.