شرح حديث: ( ... ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى ). حفظ
الشيخ : ولعلكم تذكرون معي حديثًا رواه بعض أصحاب السنن أو المسانيد: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلًا قد أطال إزاره، فناداه فقال: ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى، فقال: يا رسول الله إني أَحنَف ):
والأحنف هو: المعوج الساقين تعرفون هذا، عادة ربنا عزوجل خلق كل إنسان بساقين مستقيمتين أما ذاك الرجل فاعتذر لسبب إطالته لإزاره أنه يريد أن يستر هذا الاعوجاج الذي لا يملكه لأن الله خلقه كذلك، فلما اعتذر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بإطالته إزاره سترًا لاعوجاج ساقيه قال عليه الصلاة والسلام وهنا موضع الشاهد: ( يا فلان كلُّ خلق الله حسن ):
وهذه حقيقة غفل عنها عامة الناس مع الأسف الكثير حتى بعض أهل العلم، نحن نرى في البشر الأبيض والأسود والأسمر والأصفر وإلى آخره هل هذا خلق الله عبثًا ؟! حاشاه.
فإذا وجدنا رجلًا مشعرانية أو امرأة مشعرانية فهذا خلق الله، إذا وجدنا امرأة لها لحية ونضربها كما يقولون في الشام: عِلَّاوية، امرأة لها لحية وإيش الغرابة في ذلك ؟!
ربنا عز وجل يريد أن يذكر الغافلين أنه كما قال في القرآن الكريم: (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحانه وتعالى عما يشركون )) فَخلق هذه الصور أشكالًا وألوانًا، خلق الرجال وميزهم عن النساء باللحى، لكن قد يخلق رجلًا دون لحية، ترى هل كانت هذه -كما يقوا الطبائعيون أو الدهريون- فلتة طبيعية أم كان أمرًا مقصودًا من الله تبارك وتعالى كما نعتقد نحن معشر المسلمين ؟! الأمر كذلك بلا شك، لأن الناس عادة إذا اعتادوا على شيء غفلوا عن حكمته وعن القدرة التي خلقته على هذا الشيء، فربنا عزوجل يريد أن يذكر عباده بأن يخلق لهم أشياء ما اعتادوا عليها، فيخلق رجلًا كوسج لا لحية له، ويخلق امرأة لها لحية، تُرى أيجوز للرجل الكوسج أن يتخذ لحية مستعارةً على طريقة لوردات الإنجليز البريطانيين حيث من تقاليدهم الباطلة أنهم يحلقون لحاهم التي زينهم الله تبارك وتعالى بها، ثم إذا جاء وقت انعقاد البرلمان حسب نظامهم اتخذوا لحىً مستعارة ودخلوا بها برلمانهم، هذا منتهى الحماقة والجهل، فلا غرابة في ذلك لأنه كما يقال: " ما بعد الكفر ذنب "، لكن لو أن رجلًا خلقه الله كوسج كالمرأة ليس في ذقنه لحية، هل يجوز له أن يتخذ لحية مستعارةً ويعيد صورة الرجل أمام الرجل ؟!
الجواب: لا، لماذا ؟
لأنه يُغير خلق الله، كذلك إذ أرانا الله عز وجل تغيير المعتاد بين الرجال ذوي اللحى خلق رجلًا أو أكثر من رجل دون لحية كوسجًا كما قلنا آنفًا، كذلك الله تبارك وتعالى بقدرته وحكمته يريد أن يُظهر للنساء أنَّه فعال لما يريد فها هو خلق امرأة بلحية، سبحان الله بصير ؟!
صار، هل هذا خلقكم أم خلق ربكم ؟!
إذن يجب كل مسلم أن يرضى بما خلقه الله عليه ولا يغير شيئًا من خلقه إلا بإذن ربه، ماذا تقولون لو أن رجلًا قال: ليتني كنتُ امرأة أو امرأة قالت: ليتني كنت رجلًا ؟!
أليس هذا يريد أن يغير سنة الله عز وجل في خلقه، وهو القائل: (( سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلًا ولن تجد لسنة الله تحويلًا )) وبهذا القدر كفاية.