أشرتم في كلام سابق على ضعف حديث ( نهى أن يتتبع الرجل المساجد وليصلي في المسجد الذي يليه )، مع أنكم قد حسنتموها في أحد كتبكم ، فما توضيح ذلك ؟ حفظ
السائل : ذُكِرت لكم مسألة وهي مسألة خروج بعض الناس إلى مساجد أبعد من المساجد التي تليهم طلباً لحسن الصوت، وذكر لكم أيضاً حديث : ( نهى أن يتتبع الرجل المساجد وليصل في المسجد الذي يليه ) وكأنكم أشرتم أن الحديث لم يصح مع أنه ربما ذكر في بعض المصادر التي كتبتموها أنه حسن ، فنرجوا توضيح القول في هذه المسألة.
الشيخ : قد تكلمنا في هذا الموضوع بعد أن رجمعنا إلى * صحيح الجامع * ووجدنا الحديث محسناً واليوم صباحاً هناك في دار أبي خالد تكلمنا في هذه المسألة وخلاصة الكلام : أن المقصود بالنهي عن تتبع المساجد وبالحض على الصلاة في المسجد الذي هو جاره إنما هو عدم الغلو في طلب الثواب بسبب بعد المسجد لأن هذا يكون تكلفاً، وضربت على ذلك بعض الأمثلة من ذلك : الذي يقصد الحج ماشياً على اعتبار أن الأجر على قدر المشقة ففرقت بين المشقة المفروضة على المكلف وبين المشقة التي يسعى هو إليها، فالمشقة الأولى هي التي يثاب عليها صاحبها أما المشقة التي يتكلفها فذلك غير جائز، وضربت مثلاً بحجة النبي صلى الله عليه وسلم راكباً على ناقته فلو كان المشي أفضل وهو عليه الصلاة والسلام أقوى الرجال على المشي كما هو معلوم من سيرته صلى الله عليه وسلم فلا يصح أن يقال هنا : إن الأفضل أن يحج على رجليه لأن الثواب على قدر المشقة، وكما جاء في حديث عائشة : ( إنما أجرك على قدر نصبك ) فإنما هذا فرض عليها فرضاً حينما جاءها العذر المفروض على النساء ألا هو الحيض فاضطرت بسبب هذا العارض إلى أن تقلب عمرتها إلى حجة مفردة، فلما آن أوان رحيل الرسول عليه السلام من مكة وأعلن ذلك لأصحابه ودخل على زوجته عائشة وجدها أيضاً تبكي قال: مالك؟ قالت: مالي ؟ يعود الناس يعني ضرائرها بحج وعمرة وأعود أنا بحج دون عمرة، فأمرها عليه السلام أن تركب وراء أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وقال لها : ( إنما أجرك على قدر نصبك ) .
السائل : طيب يعني يفهم من الكلام أن الحديث ثابت ؟
الشيخ : إي نعم حسب ما ورد في هذا المصدر، أما إذا كان بدا لنا شيء آخر ما أدري لأن الاستحضار لمثل هذه المسائل الدقيقة التي يتردد النظر بين التصحيح والتضعيف ليس بالسهل، وإنما ينبغي الرجوع إلى المصدر وقد رجعنا ووجدناه مثبتاً.