تتمة شرح حديث : ( ... وأتمَّ ركوعهنَّ وخشوعهنَّ كانَ لهُ على اللهِ عهدٌ أن يغفرَ لهُ ، ومنْ لمْ يفعلْ فليسَ لهُ على اللهِ عهدٌ إنْ شاءَ غفرَ لهُ وإنْ شاءَ عذبَهُ ). حفظ
الشيخ : ثم يأتي في الصفة الثالثة ولم يتم الخشوع .
الطالب : نعم .
الشيخ : بالنسة للرجل الثاني .
الطالب : الركوع والخشوع .
الشيخ : خشوع ؟
الطالب : الركوع والخشوع.
الشيخ : الركوع والخشوع .
فالآن انتهينا من ملاحظة إحسان الوضوء ومن ملاحظة عدم الصلاة في وقتها حيث لم يصلها في وقتها الأول أحسن الوضوء وصلى في الوقت الثاني لم يحسن الوضوء ولم يصلها في وقتها
نأتي الصفة الأخرى أنه لم يتم الركوع فهل لهذا الذي لم يتم الركوع صلاة صحيحة ؟
فإذن بارك الله فيك ما يحتاج الأمر إلى أن نتكلم بقا في الخشوع لأن الخشوع فيه خلاف بين العلماء هل هو ركن من أركان الصلاة أم هو واجب من واجبات الصلاة أم هو من مستحبات الصلاة؟ فليس عندنا دليل أن الخشوع في الصلاة هو ركن من أركان الصلاة، هذا قولا واحدا، بل عندنا دليل أن هذا الخشوع من لطف الله تعالى بعباده أنه ما جعله فرضاً عليهم فرض شرط وليس فرضاً دون شرط رحمة بهم، وأعنى بذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن الرجل ليصلي الصلاة وما يكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها نصفها ) الخشوع الذي هو الصفة الرابعة الكاملة بالنسبة للذي يحافظ على الصلاة.
فهذا الخشوع إما أن نقول كما أعتقد أنه ليس بركن فحينئذ إذا صلى صلاة بعد أن أحسن الوضوء وصلاها في الوقت وأتم الركوع فصلاته صحيحة وإن لم يخشع لأنه لا دليل لدينا على شرطية أو ركنية الخشوع في الصلاة، وإن قيل بأنه ركن وما أظن أحد منكم يقول بهذا فحينئذٍ تأتي صفة رابعة أن هذا الرجل الثاني الذي أمره إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه أن هذا لم يصل لأنه لم يخشع في صلاته، أنا لا أدندن حول هذه لأني لا أعتقد أن الخشوع ركن من أركان الصلاة، فكل من لم يخشع فصلاته باطلة، لكن لا شك في الخصال الثلاث الأولى أنها من أركان الصلاة، فإذن يقال في هذا الذي لم يحسن الوضوء ولم يصلها في الوقت ولم يتم الركوع فلا صلاة له، هذا يلتقي مع اللفظ الثاني،
وبعد ذلك أقول شيئاً: هذا الرجل المجهول هو رجل تابعي وجهالة التابعي ليست بمنزلة جهالة من دونه، وكثير من علماء الحديث ولعل مالكاً منهم كانوا يحملون حديث الرجل التابعي المجهول على ما سبق أن تحدثنا مع الأخ الكريم هنا أنه يحسن الظن به لسببين اثنين : السبب الأول: أنه لم يكن قد اشتهر الكذب بين التابعين بل ليس فيهم من الضعف ما ظهر فيمن بعدهم من حيث سوء الحفظ، ولعل هذا تعليلا ماديا بسبب هناء النفس التي كانوا يعيشونها، والطمأنينة التي كانوا يحيونها .
فالشاهد أن هذه الجهالة هنا قد تغتفر بالنسبة لبعض وجوه نظر بعض المحدثين ومنهم ابن كثير ومنهم ابن رجب، فإنهم يسلكون أحاديث المجهولين من التابعين مسلك الاحتجاج بحديثهم، فلو فرضنا وهذه فرضية لا بد من ملاحظتها أن هذا اللفظ الثاني لا يوجد له شاهد بوضوحه وصراحته، فإذا ضممنا إليه الملاحظة الأولى وهي قوية كما ترونها والملاحظة الثانية التي عزوتها لابن كثير وابن رجب فحينئذٍ يخرج الإنسان بنتيجة هي تكاد تكون قطعية أن تارك الصلاة أو المؤدي لها مخلا ببعض أركانها وشروطها فلا صلاة له.