بيان كيف يجاهد النفس على اتباع الطريق المستقيم وترك طرق الشياطين. حفظ
الشيخ : ولقد جاء في مستدرك الحاكم أبي عبد الله بإسناده الجيد من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان جالساً بين أصحابه يوماً حينما تلا هذه الآية الكريمة بعد أن خط على الأرض خطاً مستقيماً ثم خط حول الخط المستقيم خطوطاً قصيرة ثم تلا هذه الآية الكريمة ماراً بيده على ذاك الخط المستقيم (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) ثم قال عليه الصلاة والسلام: ( هذا صراط الله ) خط مستقيم طويل ( وهذه طرق وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه ) إذن العصمة لكل مسلم من أن ينحرف يميناً أو يساراً وألا يكون من حزب الشيطان وإنما يكون من حزب الرحمن أن يمشي سوياً على صراط مستقيم فإنه سيصل به إلى جنة النعيم بلا شك ولا تردد أما هذه الخطوط القصيرة فمن الحكمة البالغة في رسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهذه الصورة الرائعة وكأنما كان بالتعبير العصري وحاشاه فناناً رساماً ماهراً ولكنه يرسم الخير وينهى عن رسم الشر كما تعلمون لقد رسم الصراط المستقيم خطاً طويلاً يشير بذلك إلى قوله عليه الصلاة والسلام: ( حفت الجنة بالشهوات ) اللي بدو يوصل للجنة بدو إيش؟ يلاقي كثيرا من الشهوات عفوا ( حفت الجنة بالمكاره ) سيجد مكاره كثيرة في طريقه هذا الطويل أما الخطوط التي على رأس كل منها شيطان فقد كانت خطوط قصيرة يشير بذلك إلى الأهواء التي يزيّن الشيطان بها لهؤلاء السالكين عن الخط المستقيم كأنه يقول بلسان الحال إلى أين تذهبون وإلى متى تصلون؟ إليّ إليّ فهذا انظروا إلى هذا الطريق ما أقربه ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) فلذلك فعلى كل مسلم شيئان اثنان بمناسبة هذا البيان الشيء الأول أن يعرف الخط المستقيم وأن يميزه عن خطوط الشياطين والشيء الأول أن يرابط نفسه وأن يصابر في السير على هذا الخط لأن الطريق طويلة ويحتاج إلى الجهاد فنرجو الله عز وجل أن يمتعنا بأن نعرف طريق الوصول إلى ربنا وأن يعرّفنا أيضا طرق الشيطان لنجتنبها ولقد كان من عقل أحد الصحابة ألا وهو حذيفة بن اليمان رضي الله عنه الذي قال كما جاء في الصحيحين: " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه " ومن مثل هذا الكلام المروي عن حذيفة بن اليمان قال الشاعر بحق :
" عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه *** ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه " .
فاعرفوا الطريق الموصلة إلى الله وليس هو إلا كتاب الله وسنة رسول الله وعلى منهج السلف الصالح .
نعم .