بيان الأخطاء التي يقع فيها الناشئين الجدد في علم الحديث . حفظ
الشيخ : إن الناشئين اليوم في هذا العلم علم الجرح والتعديل ومصطلح الحديث يظنون أن هذا العلم مثل بعض العلوم الأخرى كعلم النحو مثلا فالفاعل مرفوع دائما والمفعول به منصوب دائما ولا فرق في هذا بين المفعول لأجله والتمييز .
هذا العلم ليس علم الحديث في قواعده بل وفي تراجم رجاله كمثل هذا العلم الذي له قواعد مضبوطة في كثير منها ضبطاً نهائياً فلو قرأ قارئ ضرب أحمد محمد يجتمع أهل العلماء في هذا العلم على تقويته لكن ليس كذلك فيما يكون من علوم الحديث الدقيقة من ذلك علم الحديث الحسن لغيره بل والحديث الحسن لذاته وأنا قضيت ما قضيت قرابة نصف قرن من الزمان وعادة أقول أكثر من نصف قرن من الزمان لكن فيما يتعلق بالمسألة الآتية لا يجوز لي أن أقول قضيت نصف قرن من الزمان أو أكثر بل قلت وأعني ما أقول قضيت أقل أو قريبا من نصف قرن من الزمان في دراسة هذا العلم ليس نظريا بل دراسته نظريا أمر سهل ما يحتاج إلا إلى بضع سنين إذا كان الدارس له قد أعطي مواهب وفراغا ونحو ذلك مما هو من المساعدات أو المساعِدات ليتمكن في هذا العلم النظري، وإنما قضيت وذكرت في دراسة هذا العلم عمليا فقبل أن أصل إلى نصف قرن من الزمان في دراسة هذا العلم وقفت على مخطوطة في المكتبة الظاهرية للحافظ الذهبي رسالة لطيفة جدا طبعت في أيامنا الأخيرة اسمها *الموقظة* في تلك المدة التي مضت عليّ وهي أقل من نصف قرن من الزمان وأنا أدرس تبين لي الحقيقة التي عبّر عنها الحافظ الذهبي في تلك الرسالة فسررت في تعبيري ذاك سرورا جما لأنه وافق ما كان يقوم في نفسي أن الحديث الحسن من أدق علوم الحديث لأن الحافظ الذهبي رحمه الله ذكر في هذه الرسالة المعنى الذي كنت أشعر به طيلة تلك المدة ذلك هو قوله أن الحديث الحسن من دقائق علم الحديث لم لأن المحدث الواحد يختلف رأيه في هذا الحديث فتارة يحسّنه وتارة يضعّفه وهو شخص واحد فما بالك إذا انتقلت هذه الملاحظة إلى شخصين متباينين فهماً وعلماً وسناً فسيكون الأمر أدق مما ذكره الحافظ الذهبي في رسالته * الموقظة * وأدق من هذا الحديث الحسن لغيره فقد يجد إنسان ما كهذا المثال وهو بين أيديكم أن الطريق الأولى زائد الطريق الأخرى قد لا يساوي عنده في ذات نفسه أنه حديث حسن ولكن حينما يرى إنه هذا الحديث قد جاء في تفسير تلك الآية الكريمة وهي لا تحتمل من المعاني معاني كثيرة وإنما تعني ما جاء في هذا الحديث تماما فحينئذ ينقدح في نفس هذا الباحث أن هذا الحديث بالطريق الأولى والطريق الأخرى وزائد أنه معنى المضمون في الآية فحينئذٍ ينقدح في نفسه أنه حديث حسن فإذا جاء آخر ونقد نقداً متنياً قال هذا حديث ضعيف لأنه الطريق الأولى فيها علة كذا والطريق الأخرى فيها الانقطاع على وقفه فهذا لا يعني أنه جاء بشيء أقام الحجة على من حسّنه بل لعل العكس هو الصواب لذلك قلت ابتداء أن مثل هذه المسألة قد لا نصل إليها إلى طرح رأي مكتوب به لأنني ألاحظ فيما يردني من ملاحظات كثيرة من بعض المشتغلين بهذا العلم حديثاً بعضهم يرسلون إليّ خطاباتهم وبعضهم يستعجلون فيطبعون وينشرون فألاحظ أن هؤلاء وهؤلاء عندهم شيء من الاطلاع بالمصطلح أو تراجم الرجال لكنهم ما عُجنوا عجنا مع هذا العلم تطبيقاً له تطبيقا عمليا ولذلك يقعون في كثير أقل ما يقال فيه أنه لا فائدة من البحث لأنه سوف لا يأتي بشيء جديد على المنتقد إلا في بعض الصور وهذه نحن نلاحظ بعضها بذوات أنفسنا وبعضها يلاحظونها هم كأن أقول مثلا في حديث ما في كتاب هذا حسن وأقول في كتاب آخر إنه ضعيف فهذا التناقض بلا شك أمر ظاهر فيحتاج إلى ترجيح إحدى المرتبتين أما أن ينصب أحد نفسه فيأتي بما لا يخفى على المنتقد كما هو هذا فينبغي أن يتساهل في نفسه لماذا الشيخ يا ترى حسّن هذا الحديث والضعف واضح في كل من الطريقين ما يذكرون أبداً مثل الملاحظة التي ذكرها الإمام الذهبي في * الموقظة * وهذا هو مما يفسح دائرة المناقشة في شيء لا يجزي .
هذا ما يحضرني جوابا عن هذا السؤال .