هل يعد سكوت البخاري وابن أبي حاتم عن الراوي تعديلا وتوثيقا له وعلى أي أساس بنى العلماء الذين قالوا بهذه القاعدة ؟ حفظ
السائل : فضيلة الوالد -حفظك الله- يقول السائل : هل يعد سكوت البخاري وابن أبي حاتم عن الراوي تعديلاً وتوثيقاً له وعلى أي أساس بنى العلماء الذين قالوا بهذه القاعدة ، والسلام عليكم ؟
الشيخ : الذي أشكل عليّ أني ظننتُ أنني أسأت سمعاً لأنه ذكر ابن حبان مع البخاري والظاهر أنه إما أن يكون سهواً من الكاتب سبقه قلمه أو فكره ، فأياً ما كان فالصواب أن يصحح السؤال !
السائل : ابن أبي حاتم الرازي.
الشيخ : البخاري وابن أبي حاتم الرازي ، إذن أنت الذي أخطأت ، يعني إذا كنت أنت ولا هو فالثمن واحد .
فالمعلوم عند أهل العلم أن الذي يسكت عن الراوي ليس هو ابن حبان صاحب الكتابين المشهورين * الثقات * و* الضعفاء والمجروحين * وإنما الذي يسكت إنما هو ابن أبي حاتم الرازي في كتابه المعروف بـــ * الجرح والتعديل * ، كذلك الإمام البخاري وهو قبل ابن أبي حاتم الرازي وأحفظ منه وأعلم منه فحينما يُذكر سكوت بعض العلماء عن الراوي بالحديث في ترجمته له إنما هما البخاري وابن أبي حاتم الرازي ، والجواب الآن : هل سكوتهما ، سكوت هذين الحافظين البخاري وابن أبي حاتم عن الراوي الذي يترجمه بكلماتٍ قصيراتٍ هل ذلك توثيقٌ أو تجريحٌ ؟
الجواب الذي يعرفه من مارس وقضى ليله ونهاره في تقليب هذين الكتابين يفهم بتجارب كثيرة جدًا جدًّا أن سكوتهما لا يعني توثيقاً ولا يعني تجريحاً ، ولذلك فالباحث أو طالب هذا العلم إذا وجد ترجمة في هذين الكتابين لم يصرّح أحدُهما بتوثيقٍ أو بتجريح فليبحث في الكتب الأخرى وبخاصةٍ الكتب الجامعة التي أُلفت من بعدهما كمثل كتاب * الكامل لابن عَدي * والكتب التي تلته ككتاب * الكمال لعبدالغني الأزدي * ثم * تهذيب الكمال * للحافظ المزي ، ثم *تهذيب تهذيب الكمال * للحافظ العسقلاني ونحو ذلك من هذه الكتب وهي كثيرة ، يراجع ترجمة هذا الذي سكت عنه البخاري ومثلها ابن أبي حاتم فإن وجد هناك ترجمة صريحة في التوثيق أو التجريح اعتمدها ، وإلا فسكوت هذين الحافظين لا يعني توثيقاً ولا تجريحاً ، أما البخاري فقد عُرف ذلك بمقابلة بعض كتبه الأخرى بهذا الكتاب الذي يُعرف بــــ * التاريخ الكبير * للإمام البخاري حيث جمع الألوف المؤلفة من تراجم رواة الحديث وهو يسكت كثيراً عن بعض رواته ، بينما له هناك كتاب آخر اسمه * التاريخ الصغير * وكلاهما مطبوعٌ ، فيجد الباحث بعض التراجم القليلة التي سكت عنها البخاري في الكتاب الأول * التاريخ الكبير * قد ضعف هذا المتَرجَم في * تاريخه الصغير * أو فيما ينقله أولئك العلماء الذين أشرتُ إلى بعض كتبهم آنفاً .
أما ابن أبي حاتم فقد رفع الإشكال بنفسه حيث نصَّ وصرّح في مقدمة كتابه * الجرح والتعديل * أن هناك رواة لم يذكر فيهم توثيقاً ولا تجريحاً وإنما كتبهم في كتابه حتى إذا تبين له فيهم توثيق أو تجريح ألحق ذلك بتراجمهم ، فهذا نص منه -رحمه الله- على أن سكوته عن بعض المترجمين في كتابه لا يعني توثيقاً ولا يعني تجريحاً .
ثم إن الباحث المتمكن في هذا العلم يرى على الغالب أن هؤلاء المترجَمين في الكتابين المسكوت عن حالهما في الغالب يكونون إما من مجهولي العين أو من مجهولي الحال ، هذا ما يناسب المقام من الجواب .