هل المآذن التي تنشأ على المساجد من البدع ؟ حفظ
السائل : والمئذنة يا شيخ ؟
الشيخ : المئذنة كان من الممكن أن تكون فيما مَضى قبل هذا العصر ، يمكن أن يقال : إنها مصلحة مرسلة ، ذلك لأنها تحقق غرضاً شرعياً بخلاف الخيط فالخيط يقضي على سنة الأمر بالصفوف ، بتسوية الصفوف واعتناء المصلين بتسوية الصفوف كما ذكرنا آنفاً ، أما المئذنة فلم يكن هناك وسيلة أخرى لتبليغ الصوت إلى أبعد مكان ممكن فَوُجدت هذه المئذنة خاصة لما بدأت الأبنية تكثُر في بعض المدن أو العواصم ، ثم بعضها ترتفع فلم يعد صوت المؤذن مِن على ظهر المسجد يبلغ حيث ينبغي أن يبلغ ، فوُجدت هذه الوسيلة .
أما اليوم فأصبحت كما يقال : " غير ذي موضوع " ، لأنها لا أحد يصعد إليها يؤذن عليها ويبلغ الناس ، وإنما أصبحت رمزاً اليوم للمسجد ، وأنا أرى ما دام وجد مكبر الصوت فلا يجوز بناء المئذنة لسببين اثنين :
السبب الأول : أنَّ المئذنة من الأصل ليس لها أصل ، وقلنا بجواز اتخاذها يومئذٍ لأنها تحقق مصلحة مرسلة الآن مكبر الصوت يحقق مصلحة مرسلة فما يجوز بناء مئذنة وبخاصة على الطرق التي تتبع في كثير من المساجد حيث يباهى بها بطريقة بنائها ورفع بنيانها ونحو ذلك مما لا يخلو من الإسراف والتبذير وإضاعة المال وبخاصة إذا كانت هذه الأموال هي أموال وقف أو ناس تبرعوا على أساس أنه يراد أن يبنى بهذه الأموال مسجد وفي ذلك فضل معروف في بعض الأحاديث كقوله عليه الصلاة والسلام : ( من بنى مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة ) ، وإذا كثير من هذه الأموال تذهب هكذا سُدى دون فائدة ، قديماً كنا نقول لتحقيق مصلحة مرسلة أما بهذا الارتفاع الكبير فليس في ذلك مصلحة إطلاقاً يومئذ ، وإنما كأن يكون إلى مكان ما على حسب البنيان التي تحيط بالمسجد .
أما اليوم فلا مصلحة إطلاقاً في بناء مئذنة لولا العرف السائد فيدل الغريب إنه هذا مسجد فلا مانع من اتخاذ مئذنة مصغرة جدًّا وبأقل كِلفة ، لأننا قلنا بأن مكبر الصوت يغني عن تلك المآذن ، ولي كلام يتصل بهذا الموضوع لكن أريد الآن أن أخرج لقضاء الحاجة .