بيان الفرق بين مذهب أهل السنة والجماعة وبين المفوضة في باب الأسماء والصفات . حفظ
الشيخ : نعود الآن إلى الذين يفوضون فماذا يقولون ؟
يقولون : نؤمن بالآية كما جاءت لكن ما ندري ما معنى عليم ، ما معنى سميع ، ما معنى بصير، نكل الأمر إلى الله تبارك وتعالى ، يظن بعض الناس أن هذا هو مذهب السلف ، ليس هذا هو مذهب السلف ، مذهب السلف إثبات للصفة مع التنزيه ، مذهب المفوضة لا يثبتون شيئاً يقولون : الله أعلم بمراده أما التنزيه فهو أمر مشترك بين جميع الطوائف سواء السلف أو المفوضة أو المعتزلة أو الأشاعرة أو الماتريدية كلهم يلتقون في تنزيه الله عز وجل وعدم مشابهته للحوادث ، لكنهم يختلفون في موقفهم تجاه كل الصفات التي جاءت في الكتاب والسنة منها هالمثال الذي بين أيدينا الآن.
فإذا اختلف السلف في آية أو في حديث ما فذلك لا يعني أنهم خرجوا عن هذه القاعدة ، بينما الخلف الذين يقولون : " علم السلف أسلم ، وعلم الخلف أحكم وأعلم " ، فالأصل إذاً في الاختلاف هو في القاعدة وليس فيما يلزم من اختلاف كل من الطائفتين في جزء أو في صفة من الصفات كآية الساق ، ولذلك فلا ينبغي أن يفهم أحدٌ أن السلف لا يختلفون في شيء ما من آيات الصفات لكن القاعدة هم متفقون عليها .
مثلًا تفسير المعية فقد يُروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه ما قد يخالف غيره مما جاء بعده ، لكن كلهم يرجعون أخيراً إلى إثبات الصفات كقاعدة خلافاً للمعتزلة وخلافاً لمن تابعهم في كثير من الانحراف الذي انحرف فيه المعتزلة ، فسمعتم آنفاً أن المعتزلة ينكرون صفة السمع والبصر ، لكن الأشاعرة مثلا والماتريدية يثبتونهما ولا يؤولونهما ولا ينكرون معناهما كما فعلت المعتزلة ، لكن هؤلاء الخلف مِن الأشاعرة والماتريدية في أصل المذهب : أهو الإيمان بمعاني الصفات مع التنزيه أم الأصل هو التأويل ؟!
المتأخرون هؤلاء من الأشاعرة والمعتزلة بين مذهب السلف وبين مذهب المعتزلة ، فتارة تراهم معتزلة كمثل موقفهم من الكلام الإلهي ، حيث إن المعتزلة يصرحون دون أية مواربة بأن كلام الله مخلوق ، أما الأشاعرة والماتريدية فهم يقولون : كلام الله ليس بمخلوق ولكن إذا خاصصتهم ودققت معهم وجدتهم في النهاية يلتقون مع المعتزلة في الوقت الذي يقولون فيه كلام الله صفة من صفاته خلافًا للمعتزلة لكن حينما يدقق الإنسان معهم في البحث إذا بهم يقولون : الكلام الإلهي الذي هو صفة من صفاته ليس هو الكلام الذي يؤمن به السلف وكما قال عليه السلام في الحديث الصحيح : ( من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات لا أقول آلم حرف بل ألف حرف لام حرف ميم حرف ) ، هم لا يقولون بأن كلام الله حرف لفظ وصوت كما يقول السلف ، وإنما هم يلتقون مع المعتزلة في إنكار هذه الحقيقة ولكن يختلفون عن المعتزلة بأنهم يفسرون الكلام الإلهي بما يعود إلى العلم ، ولذلك حينما يردون على المعتزلة ويقولون لهم : لماذا أنتم تقولون كلام الله مخلوق ، أليس يقدر ربنا تبارك وتعالى على تفهيم موسى كلامه تبارك وتعالى ؟!
لا يقولون : أليس الله بقادر على أن يسمع كلامه موسى وهو الذي قال له : (( فاستمع لما يوحى )) فيدعون هذه الوصفة المتعلقة بالكلام الإلهي المأخوذة من هذه الآية الصريحة : (( فاستمع لما يوحى )) ما يقولون للمعتزلة أليس الله بقادر أن يسمع كلامه وصوته لموسى وإنما يقولون أليس الله بقادر أن يفهم كلامه ، فأعادوا صفة الكلام إلى العلم كما يمكن أن يقال : أليس الله عز وجل بقادر على أن يعلم موسى الألواح ، فعند المعتزلة الألواح التي أنزلها الله على موسى عليه السلام وعبّر عنها بقوله تعالى : (( وكلم الله موسى تكليماً )) يقولون صراحة : ليس الله هو الذي تكلم وليس الله هو الذي قال : (( إنني أنا الله لا إله إلا أناْ فاعبدني وأقم الصلاة لذكري )) وإنما الشجرة هي التي نطقت ، فالله لا يتكلم ولا يتلفظ .
الماتريدية والأشاعرة يلتقون معهم في الحقيقة ، لكن يسمون الكلام الإلهي الثابت في القرآن بأنه كلام نفسي لا يَخرج لا يُسمع لا يُقرأ ونحو ذلك ، فهذا ينبغي أن يكون في ذهننا .
أما السلف فيختلف عن الفرق الأخرى في اتفاقهم عن القاعدة وهي : تنزيه مع الإثبات ، أما الآخرون فتأويل الذي هو تعطيل مع التنزيه ، فلم يفدهم شيء التنزيه مع التأويل الذي يصاحبه في كثير من الأحيان التعطيل .
وما أحسن ما قال ابن القيم رحمه الله ولعله نقله عن شيخه ابن تيمية :
" المعطل يعبد عدماً ، والمجسم يعبد صنماً " ، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها .
وهي أنَّ الخلاف كما قلت في مطلع هذه الكلمة لا يقتصر عند المسلمين جميعاً على الفروع بل تعداهم إلى الأصول والمقصود بها هي : القواعد المتعلقة بالعقيدة ، وذكرت أنَّ السلف وأتباعهم من السلفيين لا يختلفون في القاعدة ولكن قد يختلفون في بعض جزئياتها ، والشأن في هذا تماماً كالشأن في القواعد العلمية الأصولية الفقهية ، فكما أن أهل الحديث لا يختلفون بعضهم مع بعض بأن المرجع عند الاختلاف إنما هو الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح ، فقد يختلفون مثلاً في حديثٍ أهوَ صحيح أو ضعيف فهذا لا يضر، وقد يختلفون في فهم حديث صحيح فهذا لا يضر، لأن الأصل والقاعدة متفق عليها بينهم وليس كذلك عند من خالفهم.
يقولون : نؤمن بالآية كما جاءت لكن ما ندري ما معنى عليم ، ما معنى سميع ، ما معنى بصير، نكل الأمر إلى الله تبارك وتعالى ، يظن بعض الناس أن هذا هو مذهب السلف ، ليس هذا هو مذهب السلف ، مذهب السلف إثبات للصفة مع التنزيه ، مذهب المفوضة لا يثبتون شيئاً يقولون : الله أعلم بمراده أما التنزيه فهو أمر مشترك بين جميع الطوائف سواء السلف أو المفوضة أو المعتزلة أو الأشاعرة أو الماتريدية كلهم يلتقون في تنزيه الله عز وجل وعدم مشابهته للحوادث ، لكنهم يختلفون في موقفهم تجاه كل الصفات التي جاءت في الكتاب والسنة منها هالمثال الذي بين أيدينا الآن.
فإذا اختلف السلف في آية أو في حديث ما فذلك لا يعني أنهم خرجوا عن هذه القاعدة ، بينما الخلف الذين يقولون : " علم السلف أسلم ، وعلم الخلف أحكم وأعلم " ، فالأصل إذاً في الاختلاف هو في القاعدة وليس فيما يلزم من اختلاف كل من الطائفتين في جزء أو في صفة من الصفات كآية الساق ، ولذلك فلا ينبغي أن يفهم أحدٌ أن السلف لا يختلفون في شيء ما من آيات الصفات لكن القاعدة هم متفقون عليها .
مثلًا تفسير المعية فقد يُروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه ما قد يخالف غيره مما جاء بعده ، لكن كلهم يرجعون أخيراً إلى إثبات الصفات كقاعدة خلافاً للمعتزلة وخلافاً لمن تابعهم في كثير من الانحراف الذي انحرف فيه المعتزلة ، فسمعتم آنفاً أن المعتزلة ينكرون صفة السمع والبصر ، لكن الأشاعرة مثلا والماتريدية يثبتونهما ولا يؤولونهما ولا ينكرون معناهما كما فعلت المعتزلة ، لكن هؤلاء الخلف مِن الأشاعرة والماتريدية في أصل المذهب : أهو الإيمان بمعاني الصفات مع التنزيه أم الأصل هو التأويل ؟!
المتأخرون هؤلاء من الأشاعرة والمعتزلة بين مذهب السلف وبين مذهب المعتزلة ، فتارة تراهم معتزلة كمثل موقفهم من الكلام الإلهي ، حيث إن المعتزلة يصرحون دون أية مواربة بأن كلام الله مخلوق ، أما الأشاعرة والماتريدية فهم يقولون : كلام الله ليس بمخلوق ولكن إذا خاصصتهم ودققت معهم وجدتهم في النهاية يلتقون مع المعتزلة في الوقت الذي يقولون فيه كلام الله صفة من صفاته خلافًا للمعتزلة لكن حينما يدقق الإنسان معهم في البحث إذا بهم يقولون : الكلام الإلهي الذي هو صفة من صفاته ليس هو الكلام الذي يؤمن به السلف وكما قال عليه السلام في الحديث الصحيح : ( من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات لا أقول آلم حرف بل ألف حرف لام حرف ميم حرف ) ، هم لا يقولون بأن كلام الله حرف لفظ وصوت كما يقول السلف ، وإنما هم يلتقون مع المعتزلة في إنكار هذه الحقيقة ولكن يختلفون عن المعتزلة بأنهم يفسرون الكلام الإلهي بما يعود إلى العلم ، ولذلك حينما يردون على المعتزلة ويقولون لهم : لماذا أنتم تقولون كلام الله مخلوق ، أليس يقدر ربنا تبارك وتعالى على تفهيم موسى كلامه تبارك وتعالى ؟!
لا يقولون : أليس الله بقادر على أن يسمع كلامه موسى وهو الذي قال له : (( فاستمع لما يوحى )) فيدعون هذه الوصفة المتعلقة بالكلام الإلهي المأخوذة من هذه الآية الصريحة : (( فاستمع لما يوحى )) ما يقولون للمعتزلة أليس الله بقادر أن يسمع كلامه وصوته لموسى وإنما يقولون أليس الله بقادر أن يفهم كلامه ، فأعادوا صفة الكلام إلى العلم كما يمكن أن يقال : أليس الله عز وجل بقادر على أن يعلم موسى الألواح ، فعند المعتزلة الألواح التي أنزلها الله على موسى عليه السلام وعبّر عنها بقوله تعالى : (( وكلم الله موسى تكليماً )) يقولون صراحة : ليس الله هو الذي تكلم وليس الله هو الذي قال : (( إنني أنا الله لا إله إلا أناْ فاعبدني وأقم الصلاة لذكري )) وإنما الشجرة هي التي نطقت ، فالله لا يتكلم ولا يتلفظ .
الماتريدية والأشاعرة يلتقون معهم في الحقيقة ، لكن يسمون الكلام الإلهي الثابت في القرآن بأنه كلام نفسي لا يَخرج لا يُسمع لا يُقرأ ونحو ذلك ، فهذا ينبغي أن يكون في ذهننا .
أما السلف فيختلف عن الفرق الأخرى في اتفاقهم عن القاعدة وهي : تنزيه مع الإثبات ، أما الآخرون فتأويل الذي هو تعطيل مع التنزيه ، فلم يفدهم شيء التنزيه مع التأويل الذي يصاحبه في كثير من الأحيان التعطيل .
وما أحسن ما قال ابن القيم رحمه الله ولعله نقله عن شيخه ابن تيمية :
" المعطل يعبد عدماً ، والمجسم يعبد صنماً " ، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها .
وهي أنَّ الخلاف كما قلت في مطلع هذه الكلمة لا يقتصر عند المسلمين جميعاً على الفروع بل تعداهم إلى الأصول والمقصود بها هي : القواعد المتعلقة بالعقيدة ، وذكرت أنَّ السلف وأتباعهم من السلفيين لا يختلفون في القاعدة ولكن قد يختلفون في بعض جزئياتها ، والشأن في هذا تماماً كالشأن في القواعد العلمية الأصولية الفقهية ، فكما أن أهل الحديث لا يختلفون بعضهم مع بعض بأن المرجع عند الاختلاف إنما هو الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح ، فقد يختلفون مثلاً في حديثٍ أهوَ صحيح أو ضعيف فهذا لا يضر، وقد يختلفون في فهم حديث صحيح فهذا لا يضر، لأن الأصل والقاعدة متفق عليها بينهم وليس كذلك عند من خالفهم.