بيان حكم الغناء وآلات الطرب ، وبيان ضلال منهج الغزالي في مسألة الغناء وآلات الطرب. حفظ
الشيخ : بمناسبة حديث المعازف السابق ذكره آنفاً وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ليكوننَّ في أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف يمسون في لهو ولعب ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير ) :
قرأتُ في كتاب لأحد هؤلاء المذكورين في السؤال الذي هو بعنوان : الفتاوى أو نحو ذلك سُئل عن حكم الغناء وآلات الطرب ، فتكلم بنحو صفحة ونصف كله كلام وليس فيه لا آية ولا حديث لا صحيح ولا ضعيف ، فكيف تكون الفتاوى على هذا النَّسق من الكلام الذي يستحلُّ ما حرَّم الله ولا يذكر في ذلك آيةً ولا حديثاً مع أن الحديث الذي يُخالف فتواه حديث صحيح لم يتعرض لذكره إطلاقاً ، فهذا بلا شك انحراف خطير ، وهذا مثال من عشرات إن لم نقل مئات الأمثلة التي وقع هؤلاء الكتَّاب الذين يُسمَّون بأنهم دعاة إلى الإسلام ، هم دعاة إلى الإسلام لا شك ولا ريب ولكنهم يدعون إلى شيء غير قليل مِن مفهومهم للإسلام فهماً يخالف الكتاب والسنة في كثير مما ذهبوا إليه ، وحسبكم الآن هذا المثال حديث تحريم آلات الطرب والتي تسمى بلفظ الشرع : المعازف ، قد أُهمل ولم يُلتفت إليه إطلاقاً ، بل كاتب من هؤلاء الكتاب قد صرح دون أي خشية من الله أو استحياء من عباد الله بأنه هو يحلو له أو يطيب له أن يسمع أحياناً بعض أغاني أم كلثوم ، لا يرى في ذلك حرجاً مع أن ذلك فتنة ما بعدها فتنة ، ولقد بلغنا منذ سنين طويلة أنَّ بعض النسوة افتتنوا بقراءة عبدالباسط هذا المصري أول بروزه وهو يقرأ ماذا ؟!
يقرأ القرآن الكريم ، فكيف لا يفتتن الرجال بالنساء أو ببعض النسوة إذا غنيين ذلك الغناء المعروف ، والعكس بالعكس كيف لا تفتتن النساء بغناء الرجال الذي أصبح يُذاع وأصبح فنًّا مع الأسف ، كل هؤلاء وهؤلاء لم يرفعوا رؤوسهم إلى ما جاء عن الله في كتابه من النهي عن اتباع لهو الحديث ، وصرّح في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في غير ما حديث صحيح ، وليس البحث الآن في سرد الأدلة في تحريم تلك الآلة ، وإنما القصد بيان أن هؤلاء الكُتَّاب لم يكونوا على علم صحيح سليم لأنهم لم يدرسوا السنة ، ومن هنا تعرفون قدر قيمة قوله عليه السلام : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ، كتابَ الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض ) فمن تمسك بالقرآن وأعرض عن السنة فمثله كمثل من تمسك بالسنة وأعرض عن القرآن ، فكلاهما لن يأخذ بهذين الأصلين الذين مَن تمسك بهما نجا ومن خالف هلك .