بيان ما ورد في السنة من أحاديث تحذر من الشرك في العمل . حفظ
الشيخ : وإنَّ مِن أشد الأحاديث تخويفاً وترهيباً لِمن لا يخلص لله عز وجل في عمله ولو كان من أعلى الأعمال عند الله رِفعةً ومنزلةً ومع ذلك فينقلب عليه هذا العمل وبالاً ، لأنه ما أخلص فيه لله تبارك وتعالى ، ذلك الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه مِن حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أوَّلُ مَن تُسعّر بهم النار يوم القيامة ثلاثة : عالمٌ ومجاهدٌ وغنيٌ ) انظروا خير الناس أعمالاً هم هؤلاء الثلاثة عالم ومجاهد وغني ، مع ذلك يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الصادق الأمين بأنَّ أول مَن تُشعل بهم النار وتُوقد بهم جهنم يوم القيامة هم هؤلاء الأجناس الثلاثة : العالم والمجاهد والغني ، يقول -عليه الصلاة والسلام- في تمام الحديث : ( يُؤتى بالعالم يوم القيامة فيقال له : ماذا عملتَ فيما علِمت ؟ فيقول : يا رب نشرته في سبيلك ، فيقال له : كذبتَ إنما علمت ليقول الناس فلان عالم وقد قيل ، خذوا به إلى النار ) أي : إنَّ ما سعى إليه من حب الشهرة والظهور قد وصل إليه بعلمه فليس له في الآخرة من نصيب كما تقدم في حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه .
( ثم يُؤتى بالمجاهد فيقال له : ماذا علمتَ بما أنعمت عليك من قوة ؟ فيقول : يا رب قاتلت في سبيلك ، فيقال له : كذبتَ إنما جاهدت ليقال : فلان بطل فلان شجاع وقد قيل ، خذوا به إلى النار ، فيُلقى به إلى جهنم ، ثم يؤتى بالغني الذي أنفق أمواله في سبيل الله فيما يبدو للناس فالله يحاسبه ويسأله وهو أعلم بما في نفسه ماذا فعلتَ بما أنعمتُ عليك من مال ؟ فيقول : يا رب أنفقته في سبيلك ، فيقال له : كذبت إنما أنفقت ليقول الناس فلانٌ كريم وقد قيل ، خذوا به إلى النار ) ، قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( فأول من تسعر بهم النار يوم القيامة هؤلاء الثلاثة : العالم والمجاهد والغني ) :
ومن هنا نتلخص شيئاً هامّاً جدًّا هو ما أشار إليه ربنا عز وجل في الآية السابقة : (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً )) أي : على وجه السنة .
(( ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا )) أي : ليخلص في كل عبادة يأتي بها لله عز وجل لا يريد من الناس جزاء ولا شكورًا .
فنسأل الله عز وجل أن يعرفنا وأن يعلمنا العمل الذي كان عليه رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم وأن يُلهمنا الإخلاص فيه له وحده لا شريك له.