ما صحة حديث : ( لا تتبعوا المساجد فليصل أحدكم في المسجد الذي يليه ) وما معناه ؟ حفظ
السائل : حديث يا شيخ ( لا تتبعوا المساجد فليصل أحدكم في
المسجد الذي يليه )

الشيخ : نعم
السائل : صحيح
الشيخ : إيه نعم
السائل : وشرح الحديث
الشيخ : تتبع المسجد لا يصح بقصد تكثير الخطا يعني هنا مسجد قريب وهنا مسجد أبعد فهو يتطلب المساجد البعيدة من أجل تكثير ثواب الخطا وهذا يدخل في قاعدة أيضا من قواعد الشريعة وهي أنه ( أمتي براء من التكلف ) فالمسلم إذا تيسرت له العبادة من أقرب طريق لم يجز له أن يتكلف الطريق الصعب بدعوى أن الأجر أكثر وعلى قاعدة التي تقول " الثواب على قدر المشقة " هذه القاعدة لها أصل في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها حينما ( حجت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم معتمرة عمرة الحج فلما نزل النبي صلى الله عليه وسلم قريبا من مكة في مكان اسمه سرف ودخل عليها فوجدها تبكي قال لها أنفست ) أي جاءك الحيض ( قالت نعم يا رسول الله قال هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاصنع ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي ولا تصلي )
القصة معروفة إنما الشاهد أن من تمامها ( أن النبي صلى الله عليه وآله سلم بعد أن طاف طواف الإفاضة وطواف الوداع وأعلن العودة إلى المدينة دخل أيضا على عائشة فوجدها تبكي قال لها ما لك قالت ما لي يعود الناس بحج وعمرة وأعود بحج دون عمرة فأمر أخاها عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق أن يخرج بها يردفها خلفه إلى التنعيم وتأتي بالعمرة من هناك وقال لها ) بهذه المناسبة ( إنما أجرك على قدر نصبك ) هذا الحديث هو الدليل للقاعدة المذكورة " الثواب على قدر المشقة " لكن هذه القاعدة ليست على إطلاقها أي لا يجوز الإنسان أن يتكلف المشقة بدعوى إنه الثواب على قدرها وإنما إذا فرضت عليه فرضا فيكون الثواب على قدر المشقة مثلا رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم كما تعلمون حج راكبا على ناقته وكان باستطاعته أن يحج راجلا فإنه أقوى الرجال كما هو معلوم من سيرته عليه السلام ولكنه كان بريئا من التكلف فما حج ماشيا وراجلا وإنما حج راكبا
فإذا تصورنا هناك رجلا يستطيع أن يحج على رجليه ويستطيع أن يحج على دابته فآثر الحج على رجليه بحجة إنه الثواب على قدر المشقة ليس الأمر كذلك لأن هذا يستطيع أن يحج راكبا فلا يشرع للمسلم أن يتكلف المشقة على نفسه وقد جاء في ذلك أحاديث منها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة وقد أو رجلا قد أخذ به وهو يساق كالدابة وهو يطوف فأمر أن يقطع هذا الزمام وأن يقول عليه الصلاة والسلام إن الله غني عن أن يعذب هذا نفسه ).
فأحاديث كثيرة تدلنا على أنه لا ينبغي للمسلم أن يتكلف المشقة أما إن فرضت عليه فرضا فحينئذ يقال " الثواب على قدر المشقة " إذا عرفنا هذه القاعدة رجعنا إلى ذاك الحديث لا ينبغي للإنسان أن يتتبع المساجد وإنما ينبغي أن يصلي في أقرب مسجد بدعوى أن الثواب أكثر لأن هذا من باب التكلف أما إذا كان هناك مسجد له مزية على المسجد القريب سواء من حيث إنه الإمام على السنة مثلا أو أن قراءته جيدة أو أن خطيبه عالم فاضل فهو يقصد ذاك المسجد البعيد عنه ليس ملاحظا في ذلك المشقة التي تنوبه وإنما يلاحظ في ذلك الفوائد العلمية التي يجنيها فهذا لا يدخل في الحديث وإنما يدخل فيه تقصد الثواب بكثرة الخطا كثرة الخطا هذه لا شك أن لها فضيلة لكن بقصد ألا تكون متصنعة متكلفة كما جاء في الحديث الصحيح ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلغه أن الأنصار يريدون أن ينتقلوا بدورهم قريبا من المسجد النبوي وأن يضربوا خيامهم بجوار مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام دياركم تكتب آثاركم ) الزموا دياركم فإن خطاكم هذه من مكانكم البعيد تكتب أو تكون سببا لكتابة هذه الخطا وتكثير الثواب فهذا بلا شك كل خطوة كما هو معلوم في بعض الأحاديث الأخرى تكون سببا لكتب حسنة ومحو سيئة ورفع درجة لكن إياكم والتنطع إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك الذين من قبلكم غلوهم في دينهم هذا وجه توجيه الحديث الذي سألت عنه
السائل : يشمل هذا الذي يتعمد أداء العمرة في نهار رمضان وهو الذي يستطيع أن يؤديها
الشيخ : آه بلا شك كل هذا التكلف منهي عنه