ما الواجب على المصلين المقتدين بالإمام عند انتهائه من الصلاة بقول : السلام عليكم ؟ حفظ
الشيخ : الشيء الثاني: أنَّ كثيرًا من المقتدين بتوجيه بعض العلماء ينتظرون الإمام حتى ينتهي من التسليمتين يمينًا ويسارًا ثم هم يبدأون بالسلام يمينًا ويسارًا، هذا وجهٌ وقولٌ لبعض أهل العلم، ولكننا إذا لاحظنا شيئًا هامًّا في هذه المسألة وهي: أنَّ السلام الذي يخرج به المصلي مِن صلاته ليس التسليمتان، وإنما هي التسليمةُ الأولى، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أنه كان يقتصر أحيانًا على قوله: السلام عليكم ورحمة الله ) فقط تسليمة واحدة، كما تسمعون في هذه البلاد الإمام حينما يصلي صلاة الجنازة يقتصر على التسليمة الواحدة، هذا الحكم ليس خاصًّا بصلاة الجنازة، بل هو يتعداها إلى كل الصلوات سواءٌ ما كان منها فريضةً أو نافلةً، فيجوز للإمام اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقتصر أحيانًا على التسليمة الواحدة، ويجوز له أيضًا أن يأتي بالتسليمة الأخرى، فالتسليمة الأولى هي ركن مِن أركان الصلاة، هي المعنية بقول عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف: ( تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم ) فإنما يتحلل المصلي مِن صلاته ويخرجُ منها بالتسليمة الأولى، فلو لم يسلم التسليمة الأخرى فصلاته صحيحة، لكن الأفضل أن يسلِّم في بعض الأحيان كما ذكرنا التسليمة الثانية أيضًا، فالفرق بين التسليمة الأولى والتسليمة الأخرى أنَّ التسليمة الأولى ركنٌ بها يخرج المسلم مِن الصلاة، أما التسليمة الأخرى فهي سنة مستحبة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يحافظ على التسليمة الثانية دائمًا وإنما تارة وتارة، فإذا عرفنا هذا الحكم أنَّ خروج الإمام إنما يخرج مِن الصلاة بالتسليمة الأولى فيحنئذ المقتدي يتابع الإمام بعد التسليمة الأولى بتسليمته الأولى، فإذا سلَّم الإمامُ التسليمة الثانية أيضًا تابعه المقتدون بالتسليمة الثانية، إذا عرفنا هذا الحكم توصلنا حينئذٍ إلى معرفة ما يفعله بعض الناس ممن يقال عنهم إنهم سَرَعانُ الناس أي: المستعجلون، إذا سلَّم الإمام التسليمة الأولى وبادر المقتدي فسلَّم بعده وانسحب فصلاته صحيحة، لأنه أتى بالركن، وكل ما في الأمر أنَّه فاته متابعة الإمام في التسليمة الثانية، وقد جاء في * صحيح البخاري * مما يُشعرنا بأنَّ الناس في كل زمان منهم المستعجل ومنهم المبطي المتأني، جاء في صحيح * البخاري ومسلم * أيضًا مِن حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: ( صلينا يومًا وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم العصر فسلَّم على رأس الركعتين، ثم انتحى ناحية مِن المسجد، وفيهم رجلٌ يقال له: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله أقصُرت الصلاة أم نسيت؟ قال عليه الصلاة والسلام: كل ذلك لم يكن، قال: بلى يا رسول الله، فنظر عليه الصلاة والسلام للصحابة وفيهم أبو بكر وعمر وقال: أصدق ذو اليدين؟ قالوا: نعم، فعاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مقامه ) ولا أقول: إلى محرابه، لأن المحراب لم يكن في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زمانه ولا في زمن أصحابه، وإنما أُحدث فيما بعد، ( رجع إلى المكان الذي صلى فيه الركعتين، فأتى بالركعتين المنسيتين، ثم سجد سجدتي السهو ) فالشاهد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سلَّم على رأس الركعتين يقول أبو هريرة: ( خرج سَرَعان الناس ) وخرجوا من المسجد، وبقي من بقي ومنهم ذو اليدين وكبار الصحابة وجرى الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين ذي اليدين والصحابة كما سمعتم فصلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين المنسيتين وسجد لهما سجدتي السهو، فاستعجال الناس بالخروج مِن الصلاة كأنه أمرٌ غالبي بالنسبة لكثير من الناس ممن لا يهتمون أن يأتوا بما يترتب مِن الأذكار والأوراد بعد الصلاة، ولقد وقع قصة أخرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وذلك كله تشريعٌ للناس ليتعلموا ما قد يقع منهم من نسيان أو سهو في الصلاة، لقد صلى النبي صل الله عليه وآله وسلم صلاةَ المغرب مرة ركعتين، أيضًا خرج سَرَعان الناس فقيل له: ( يا رسول الله صليت ركعتين! فأمر بإقامة الصلاة مجددًا وأتى بالركعة وسجدَ أيضًا سجدتي السهو )، فإذن يجب أن نلاحظ حينئذٍ فيما إذا تسرَّع بعضُ الناس أول ما سلَّم الإمام التسليمة الأولى فإن تبعوه ولو أنهم لم يصبروا التسليمة الثانية فصلاتهم صحيحة ولكن فاتهم الاتباع.
هذا الذي أردت تفصيل القول فيه حتى لا نعرض صلاة الناس للإفساد أو الإبطال لمجرد أنهم سبقوا الإمام في الخروج مِن الصلاة في التسليمة الثانية، لأن الإمام قد خرج من صلاته بالتسليمة الأولى.